(باب في النهي عن أكل الجلالة وألبانها) (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة) بفتح الجيم وتشديد اللام وهي الدابة التي تأكل العذرة من الجلة وهي البعرة، وسواء في الجلالة البقر والغنم والإبل وغيرها كالدجاج والإوز وغيرهما وادعى ابن حزم أنها تقع إلا على ذات الأربع خاصة ثم قيل إن كان أكثر علفها النجاسة فهي جلالة، وإن كان أكثر علفها الطاهر فليست جلالة، وجزم به النووي في تصحيح التنبيه وقال في الروضة تبعا للرافعي: الصحيح أنه لا اعتداد بالكثرة بل بالرائحة والنتن، فإن تغير ريح مرقها أو لحمها أو طعمها أو لونها فهي جلالة (وألبانها) أي وعن شرب ألبانها.
قال الخطابي: واختلف الناس في أكل لحوم الجلالة وألبانها، فكره ذلك أصحاب الرأي والشافعي وأحمد بن حنبل وقالوا لا يؤكل حتى تحبس أياما وتعلف علفا غيرها، فإذا طاب لحمها فلا بأس بأكله. وقد روي في حديث أن البقر تعلف أربعين يوما ثم يؤكل لحمها وكان ابن عمر تحبس الدجاجة ثلاثة أيام ثم تذبح. وقال إسحاق بن راهويه: لا بأس أن يؤكل لحمها بعد أن يغسل غسلا جيدا وكان الحسن البصري لا يرى بأسا بأكل لحوم الجلالة، وكذلك قال مالك بن أنس انتهى. وقال ابن رسلان في شرح السنن: وليس للحبس مدة مقدرة وعن بعضهم في الإبل والبقر أربعين يوما، وفي الغنم سبعة أيام، وفي الدجاج ثلاثة، واختاره في المهذب والتحرير.
قال المنذري: وأخرجه الترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي حسن غريب هذا آخر كلامه، وفي إسناده محمد بن إسحاق عن ابن أبي نجيح. وذكر الترمذي أن سفيان الثوري رواه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
(نهى عن لبن الجلالة) قد اختلف في طهارة لبن الجلالة، فالجمهور على الطهارة، لأن النجاسة تستحيل في باطنها فيطهر بالاستحالة، كالدم يستحيل في أعضاء الحيوانات لحما ويصير لبنا.