بالأكل ما يلي الانسان والثاني أن يكون من جميع جوانبها وإنما نهى عن ذلك لئلا يتقذره جليسه ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتقذره أحد بل يتبركون بآثاره صلى الله عليه وسلم، فقد كانوا يتبركون ببصاقه ونخامته ويدلكون بذلك وجوهم، وشرب بعضهم بوله، وبعضهم دمه، وغير ذلك (فلم أزل أحب الدباء بعد يومئذ) وفي رواية لمسلم منذ يومئذ. قال الطيبي: يحتمل أن يكون بعد مضافا إلى ما بعده كما جاء في شرح السنة بعد ذلك اليوم، وأن يكون مقطوعا عن الإضافة، وقوله يومئذ بيان للمضاف إليه المحذوف انتهى. قلت: فعلى الاحتمال الأول يكون دال بعد مفتوحة وميم يومئذ مفتوحة ومكسورة، وعلى الاحتمال الثاني تكون دال بعد مضمومة وميم يومئذ مفتوحة، وهذا مأخوذ من المرقاة. وفي الحديث فضيلة أكل الدباء وأنه يستحب أن يحب الدباء وكذلك كل شئ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه وأنه يحرص على تحصيل ذلك.
قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
(باب في أكل الثريد) (كان أحب الطعام) يجوز رفعه والنصب أولى لأن المناسب بالوصف أن يكون هو الخبر المحكوم به، وأفعل هنا بمعنى المفعول ويتعلق به قوله (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) وقوله (الثريد) مرفوع ويجوز نصبه عكس ما تقدم، فإنه المبتدأ المحكوم عليه في المعنى ثم بينه بقوله (من الخبز) وكذا قوله (والثريد من الحيس) وهو بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية فسين مهملة تمر يخلط بأقط وسمن.
قال في المصباح: الثريد فعيل بمعنى مفعول، يقال ثردت الخبز ثردا من باب قتل وهو أن تفته ثم تبله بمرق انتهى.
وفي النهاية الحيس هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن أو الدقيق أو فتيت بدل أقط انتهى. وقال ابن رسلان: وصفته أن يؤخذ التمر أو العجوة فينزع منه النوى ويعجن بالسمن