السلف في حكم الأكل متكئا، فزعم ابن القاص أن ذلك من الخصائص النبوية، وتعقبه البيهقي فقال قد يكره لغيره أيضا لأنه من فعل المتعظمين، وأصله مأخوذ من ملوك العجم، قال فإن كان بالمرء مانع لا يتمكن معه الأكل إلا متكئا لم يكن في ذلك كراهة، ثم ساق عن جماعة من السلف أنهم أكلوا كذلك، وأشار إلى حمل ذلك عنهم على الضرورة وفي الحمل نظر انتهى (ولا يطأ عقبه رجلان) أي لا يطأ الأرض خلفه رجلان. والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لا يمشي قدام القوم بل يمشي في وسط الجمع أو في آخرهم تواضعا. قال الطيبي: التثنية في رجلان لا تساعد هذا التأويل، ولعله كناية عن تواضعه وأنه لم يكن يمشي مشي الجبابرة مع الأتباع والخدم، ولا يخفى أن ما ذكره لا ينافي قول غيره وفائدة التثنية أنه قد يكون واحد من الخدام وراءه كأنس وغيره لمكان الحاجة به وهو لا ينافي التواضع كذا في المرقاة. وقال في فتح الودود: الرجلان بفتح الراء وضم الجيم هذا هو المشهور، ويحتمل كسر الراء وسكون الجيم أي القدمان، والمعنى لا يمشي خلفه أحد ذو رجلين انتهى.
قال المنذري: وأخرجه ابن ماجة وشعيب هذا هو والد عمرو بن شعيب. ووقع ها هنا وفي كتاب ابن ماجة شعيب بن عبد الله بن عمرو عن أبيه وهو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو وقال: كان ثابت البناني ينسبه إلى جده حين حدث عنه وذلك شائع، وإن أراد بأبيه محمدا فيكون الحديث مرسلا، وإن محمدا لا صحبة له، وإن كان أراد بأبيه جده عبد الله فيكون مسندا، وشعيب قد سمع من عبد الله بن عمرو والله عز وجل أعلم.
(باب في الأكل من أعلى الصحفة) هي إناء كالقصعة المبسوطة وجمعها صحاف.
(ولكن يأكل من أسفلها) أي من جانبه الذي يليه (فإن البركة تنزل من أعلاها) وفي رواية الترمذي وابن ماجة وأحمد ((فإن البركة تنزل في وسطها)) قال القاري: والوسط أعدل المواضع فكان أحق بنزول البركة فيه.
وفي الحديث مشروعية الأكل من جوانب الطعام قبل وسطه. قال الرافعي وغيره: يكره