فقد نقلوا إباحة اختلاف الأيدي في الطبق ونحوه. والذي ينبغي تعميم النهي حملا للنهي على عمومه حتى يثبت دليل مخصص انتهى.
قال القاري: سيأتي حديث الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال في أكل التمر ((يا عكراش كل من حيث شئت فإنه من غير لون واحد)).
قال المنذري: وذكر الترمذي أنه روي عن أبي وجزة عن رجل من مزينة عن عمر بن أبي سلمة، وأخرجه النسائي أي كما ذكره الترمذي، وقال النسائي: هذا هو الصواب عندي والله أعلم. وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة من حديث أبي نعيم وهب بن كيسان عن عمر بن أبي سلمة بنحوه، وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة من حديثه عن عروة بن الزبير عن عمر بن أبي سلمة.
(باب في أكل اللحم) (لا تقطعوا اللحم بالسكين فإنه) أي قطعه بالسكين ولو كان منضوجا (من صنيع الأعاجم) أي من دأب أهل فارس المتكبرين المترفهين، فالنهي عنه لأن فيه تكبرا وأمرا عبثا بخلاف ما إذا احتاج قطع اللحم إلى السكين لكونه غير نضيج تام، فلا يعارض خبر الشيخين أنه صلى الله عليه وسلم كان يحتز بالسكين، أو المراد بالنهي التنزيه وفعله لبيان الجواز، كذا قال القاري (وانهسوه) بالسين المهملة، وفي بعض النسخ وانهشوه بالشين المعجمة والنهس بالمهملة أخذ اللحم بأطراف الأسنان وبالمعجمة الأخذ بجميعها، أي كلوه بأطراف الأسنان (فإنه) أي النهس (أهنأ وأمرأ) أي أشد هنأ ومراءة، يقال هنئ صار هنيئا ومرئ صار مريئا، وهو أن لا يثقل على المعدة وينهضم عنها.
والمعنى لا تجعلوا القطع بالسكين دأبكم وعادتكم كالأعاجم، بل إذا كان نضيجا فانهسوه، وإذا لم يكن نضيجا فحزوه من بالسكين. ويؤيده قول البيهقي النهي عن قطع اللحم