أبي مليكة قال: كنت قاضيا لابن الزبير على الطائف فذكر قصة المرأتين، فكتبت إلي ابن عباس فكتب إلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وفيه: ((ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر)) وهذه الزيادة ليست في الصحيحين وإسنادها حسن انتهى.
قال النووي: فيه أنه لا يقبل قول الإنسان فيما يدعيه بمجرد دعواه بل يحتاج إلى بينة أو تصديق المدعى عليه فإن طلب يمين المدعى عليه فله ذلك، وقد بين صلى الله عليه وسلم الحكم في كونه لا يعطى بمجرد دعواه لأنه لو كان أعطي بمجردها لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ولا يمكن المدعى عليه أن يصون ماله ودمه، وأما المدعي فيمكنه صيانتها بالبينة.
وفيه دلالة لمذهب الشافعي والجمهور على أن اليمين تتوجه على كل من ادعى عليه حق سواء كان بينه وبين المدعي اختلاط أم لا.
وقال مالك وأصحابه والفقهاء السبعة وفقهاء المدينة إن اليمين لا تتوجه إلا على من بينه وبينه خلطة لئلا يبتذل السفهاء أهل الفضل بتحليفهم مرارا في اليوم الواحد، فاشترطت الخلطة دفعا لهذه المفسدة واختلفوا في تفسير الخلطة فقيل هي معرفته بمعاملته ومداينته بشاهد أو بشاهدين، وقيل تكفي الشبهة، وقيل هي أن تليق به الدعوى بمثلها على مثله ودليل الجمهور هذا الحديث ولا أصل لذلك الشرط في كتاب ولا سنة ولا إجماع انتهى.
قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.
(باب كيف اليمين) أي على المدعى عليه (حلفه) بتشديد اللام أي أراد تحليفه والجملة صفة رجل (احلف) بصيغة الأمر (بالله الذي لا إله إلا هو) قال في فتح الودود: تغلظ اليمين بذكر بعض الصفات (ماله) أي ليس للمدعي (يعني المدعي) أي يريد النبي صلى الله عليه وسلم بالضمير المجرور في قوله ماله المدعى، وفي بعض النسخ للمدعي.