(كان يأكل بثلاث أصابع) فيه أن السنة الأكل بثلاث أصابع ولا يضم إليها الرابعة والخامسة إلا لعذر، بأن يكون مرقا وغيره مما لا يمكن بثلاث، قاله النووي: وقال الحافظ:
يؤخذ من حديث كعب بن مالك أن السنة الأكل بثلاث أصابع وإن كان الأكل بأكثر منها جائزا.
وقد أخرج سعيد بن منصور من مرسل ابن شهاب ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل أكل بخمس)) فيجمع بينه وبين حديث كعب باختلاف الحال انتهى.
قال المنذري: وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وفي بعض طرق مسلم أن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أو عبد الله بن كعب بن مالك أخبره عن أبيه.
(باب ما يقول إذا طعم) أي إذا فرغ من الطعام. قال ابن بطال: اتفقوا على استحباب الحمد بعد الطعام ووردت في ذلك أنواع يعني لا يتعين شئ منها.
(إذا رفعت المائدة) أي من بين يديه، وقد ثبت في الحديث الصحيح برواية أنس رضي الله عنه إنه صلى الله عليه وسلم لم يأكل على خوان قط، والمائدة هي خوان عليه طعام، فأجاب بعضهم بأن أنسا ما رأى ذلك ورآه غيره والمثبت يقدم على النافي. قال في الفتح: وقد تطلق المائدة ويراد بها نفس الطعام. وقد نقل عن البخاري أنه قال إذا أكل الطعام على شئ ثم رفع قيل رفعت المائدة انتهى.
قلت: والتحقيق في ذلك أن المائدة هي ما يبسط للطعام سواء كان من ثوب أو جلد أو حصير أو خشب أو غير ذلك، فالمائدة عام لها أنواع منها السفرة ومنها الخوان وغيره فالخوان بضم الخاء يكون من خشب وتكون تحته قوائم من كل جانب والأكل عليه من دأب المترفين لئلا يفتقر إلى التطاطؤ والانحناء، فالذي نفي بحديث أنس هو الخوان، والذي أثبت هو نحو السفرة وغيره والله أعلم.