وأما قوله في حديث عائشة المتقدم ((ينبذ غدوة فيشربه عشاء وينبذ عشاء فيشربه غدوة)) فليس مخالفا لحديث ابن عباس هذا في الشرب إلى ثلاث، لأن الشرب في يوم لا يمنع الزيادة.
وقال بعضهم: لعل حديث عائشة كان زمن الحر وحيث يخشى فساده في الزيادة على يوم وحديث ابن عباس في زمن يؤمن فيه التغير قبل الثلاث والله تعالى أعلم. وفي هذه الأحاديث دلالة على جواز الانتباذ وجواز شرب النبيذ ما دام حلوا لم يتغير ولم يغل، وهذا جائز بإجماع الأمة. كذا قال النووي.
قال المنذري: وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة.
(باب في شراب العسل) (فتواصيت) بالصاد المهملة من المواصاة أي أوصى إحدانا الأخرى (أيتنا ما دخل عليها) لفظة ما زائدة. وفي رواية البخاري ((أن أيتنا دخل عليها)) (إني أجد منك ريح مغافير) بفتح الميم والغين المعجمة وبعد الألف فاء جمع مغفور بضم الميم وليس في كلامهم مفعول بالضم إلا قليلا، والمغفور صمغ حلو له رائحة كريهة ينضحه شجر يسمى العرفط بعين مهملة وفاء مضمومتين بينهما راء ساكنة آخره طاء مهملة (فقالت ذلك) أي القول الذي تواصيا عليه (له) أي للنبي صلى الله عليه وسلم (ولن أعود له) أي للشرب فنزلت (لم تحرم ما أحل الله لك) من شرب العسل أو مارية القبطية. قال ابن كثير: والصحيح أنه كان في تحريمه العسل.
وقال الخطابي: الأكثر على أن الآية نزلت في تحريم مارية حين حرمها على نفسه، ورجحه في فتح الباري بأحاديث عند سعيد بن منصور، والضياء في المختارة، والطبراني في عشرة النساء، وابن مردويه والنسائي ولفظه عن ثابت عن أنس ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها فلم تزل به حفصة وعائشة رضي الله عنهما حتى حرمها فأنزل الله تعالى (يا أيها النبي لم