وجل من صنعه فيه ويجلبه من الشفاء على أثره فيكون الكي والدواء سببا لا علة، وهو أمر قد يكثر شكوك الناس وتخطي فيه ظنونهم وأوهامهم فما أكثر ما سمعهم يقولون لو أقام فلان بأرضه وبداره لم يهلك ولو شرب الدواء لم يسقم ونحو ذلك من تحرير إضافة الأمور إلى الأسباب وتعليق الحوادث بها دون تسليط القضاء عليها وتغليب المقادير فيها فتكون تلك الأسباب إمارات لتلك الكواين عنه لا موجبات لها، وقد بين الله سبحانه ذلك في كتابه فقال (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) وقال تعالى حكاية عن الكفار (وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزا لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم).
وفيه وجه آخر وهو أن يكون نهيه عن الكي هو أن يفعله احترازا من الداء قبل وقوع الضرورة ونزول البلية وذلك مكروه، وإنما أبيح العلاج والتداوي عند وقوع الحاجة ودعاء الضرورة إليه ألا ترى أنه إنما كوى سعدا حين خاف عليه الهلاك من النزف.
وقد يحتمل أن يكون إنما نهى عمران خاصة عن الكي في علة بعينها لعلمه أنه لا ينجع، ألا تراه يقول فما أفلحنا ولا أنجحنا، وقد كان به الناصور ولعله أن ما نهاه عن استعمال الكي في موضعه من البدن لأن العلاج إذا كان فيه الخطر العظيم كان محظورا والكي في بعض الأعضاء يعظم خطره وليس كذلك في بعض الأعضاء فيشبه أن يكون النهي منصرفا إلى النوع المخوف منه والله أعلم.
(من رميته) بفتح الراء وكسر الميم وتشديد الياء. قال ابن الأثير: الرمية الصيد الذي ترميه فتقصده وينفذ فيها سهمك، وقيل هي كل دابة مرمية.
وقال الجوهري: الرمية الصيد يرمى انتهى. والمعنى أن الجراحة التي أصابت لسعد بن معاذ من أجل العدو الرامي في أكحله كواها النبي صلى الله عليه وسلم.
قال المنذري: والحديث أخرجه مسلم ولفظه ((رمي سعد بن معاذ في أكحله قال فحسمه النبي صلى الله عليه وسلم بيده بمشقص ثم ورمت فحسمه الثانية)) وأخرجه ابن ماجة ولفظه ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كوى سعد بن معاذ في أكحله مرتين)).
(باب في السعوط) قال في النهاية: السعوط بالفتح وهو ما يجعل من الدواء في الأنف.