(تنفس ثلاثا) أي في أثناء شربه. قال البغوي في شرح السنة: المراد من هذا الحديث أن يشرب ثلاثا كل ذلك يبين الإناء عن فمه فيتنفس ثم يعود. والخبر المروي أنه نهى عن التنفس في الإناء هو أن يتنفس في الإناء من غير أن يبينه عن فيه (وقال هو) أي تعدد التنفس أو التثليث (أهنأ) بالهمزة من الهنأ (وأمرأ) من المراءة. قال في النهاية: هنأني الطعام ومرأني إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عليها طيبا (وأبرأ) من البراءة أو من البرء، أي يبرئ من الأذى والعطش والمعنى أنه يصير هنيئا مريا بريا أي سالما أو مبريا من مرض أو عطش أو أذى ويؤخذ منه أنه أقمع للعطش وأقوى على الهضم وأقل أثرا في ضعف الأعضاء وبرد المعدة. واستعمال أفعل التفضيل في هذا يدل على أن للمرتين وفي ذلك مدخلا في الفضل المذكور. ويؤخذ منه أن النهي عن الشرب في نفس واحد للتنزيه قاله الحافظ.
قال المنذري: وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي.
وأبو عصام هذا لا يعرف اسمه وانفرد به مسلم وليس له في كتابه سوى هذا الحديث.
(باب في النفخ في الشراب) (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتنفس) بصيغة المجهول أي لخوف بروز شئ من ريقه فيقع في الماء، وقد يكون متغير الفم فتعلق الرائحة بالماء لرقته ولطافته، فيكون الأحسن في الأدب أن يتنفس بعد إبانة الإناء عن فمه، وأن لا يتنفس فيه (أو ينفخ) بصيغة المجهول أيضا لان النفخ انما يكون لاحد معنيين، فان من حرارة الشراب فليصبر حتى يبرد، وإن كان من أجل قذى يبصره فليمطه بأصبع أو بخلال أو نحوه ولا حاجة به إلى النفخ فيه بحال (فيه) أي في الإناء الذي يشرب منه والإناء يشمل إناء الطعام والشراب فلا ينفح في الإناء ليذهب ما في الماء من قذاة ونحوها، فإنه لا يخلو النفخ غالبا من بزاق يستقذر منه، وكذا لا ينفح في الإناء لتبريد