(باب الكلام في كتاب الله بلا علم) (من قال) أي من تكلم (في كتاب الله) أي في لفظه أو معناه (برأيه) أي بعقله المجرد ومن تلقاء نفسه من غير تتبع أقوال الأئمة من أهل اللغة العربية المطابقة للقواعد الشرعية بل بحسب ما يقتضيه عقله، وهو مما يتوقف على النقل قال السيوطي قال البيهقي: إن صح أراد والله أعلم الرأي الذي يغلب على القلب من غير دليل قام عليه، وأما الذي يشده برهان فالقول به جائز.
وقال البيهقي في المدخل: في هذا الحديث نظر، وإن صح فإنما أراد به والله أعلم فقد أخطأ الطريق فسبيله أن يرجع في تفسير ألفاظه إلى أهل اللغة، وفي معرفة ناسخه ومنسوخه، وسبب نزوله، وما يحتاج فيه إلى بيانه إلى أخبار الصحابة الذين شاهدوا تنزيله وأدوا إلينا من السنن ما يكون بيانا لكتاب الله تعالى قال تعالى. (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) فما ورد بيانه عن صاحب الشرع ففيه كفاية عن فكرة من بعده وما لم يرد عنه بيانه ففيه حينئذ فكرة أهل العلم بعده ليستدلوا بما ورد بيانه على ما لم يرد. قال وقد يكون المراد به من قال فيه برأيه من غير معرفة بأصول العلم وفروعه، فتكون موافقته للصواب إن وافقه من حيث لا يعرفه غير محمودة.
وقال الماوردي: قد حمل بعض المتورعة هذا الحديث على ظاهره وامتنع من أن يستنبط معاني القرآن باجتهاده ولو صحبها الشواهد ولم يعارض شواهدها نص صريح، وهذا عدول عما تعبدنا بمعرفته من النظر في القرآن واستنباط الأحكام منه كما قال تعالى: (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) ولو صح ما ذهب إليه لم يعلم بالاستنباط ولما فهم الأكثر من كتابه تعالى شيئا وإن صح الحديث فتأويله أن من تكلم في القرآن بمجرد رأيه ولم يعرج على سوى لفظه وأصاب الحق، فقد أخطأ الطريق وإصابته اتفاق إذ الغرض أنه مجرد رأي لا شاهد له. انتهى كلام السيوطي.
(فأصاب) أي ولو صار مصيبا بحسب الاتفاق (فقد أخطأ) أي فهو مخطئ بحسب