(باب في أكل الضبع) هو الواحد الذكر والأنثى الضبعان ولا يقال ضبعة، ومن عجيب أمره أنه يكون سنة ذكرا وسنة أنثى فيلقح في حال الذكورة ويلد في حال الأنوثة وهو مولع بنبش القبور لشهوته للحوم بني آدم كذا في النيل. ويقال للضبع في الفارسية كفتار.
(فقال هو صيد) قال الخطابي: إذا كان قد جعلة صيدا ورأى فيه الفداء فقد أباح أكله كالضباء والحمر الوحشي وغيرها من أنواع صيد البر، وإنما أسقط الفداء في قتل مالا يؤكل فقال ((خمس لا جناح على من قتلهن في الحل والحرم)) الحديث (ويجعل) بصيغة المجهول (فيه) أي في الضبع (كبش) وفي بعض النسخ كبشا، بالنصب وعلى هذا يكون يجعل على البناء للمعلوم.
وفيه دليل على أن الكبش مثل الضبع، وفيه أن المعتبر في المثلية بالتقريب في الصورة لا بالقيمة، ففي الضبع الكبش سواء كان مثله في القيمة أو أقل أو أكثر.
والحديث يدل على جواز أكل الضبع، وإليه ذهب الشافعي وأحمد قال الشافعي: ما زال الناس يأكلونها ويبيعونها بين الصفا والمروة من غير نكير، ولأن العرب تستطيبه وتمدحه وذهب أكثر العلماء إلى التحريم واحتجوا بأنها سبع وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل ذي ناب من السباع، ويجاب بأن حديث الباب خاص فيقدم على حديث كل ذي ناب. واحتجوا أيضا بما أخرجه الترمذي من حديث خزيمة بن جزء قال ((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال أو يأكل الضبع أحد)) فيجاب بأن هذا الحديث ضعيف لأن في إسناده عبد الكريم بن أمية و هو متفق على ضعفه، والراوي عنه إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف.
قال الخطابي في المعالم: وقد اختلف الناس في أكل الضبع، فروي عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يأكل الضبع، وروي عن ابن عباس إباحة لحم الضبع، وأباح أكلها عطاء والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وكرهه الثوري وأصحاب الرأي ومالك، وروى ذلك عن