قال في النيل: والذي عليه الجمهور من السلف والخلف من المحدثين وغيرهم أن أكل الشيطان محمول على ظاهره، وأن للشيطان يدين ورجلين، وفيهم ذكر وأنثى، وأنه لا يأكل حقيقة بيده إذا لم يدفع. وقيل إن أكلهم على المجاز والاستعارة. وقيل إن أكلهم شم واسترواح، ولا ملجئ إلى شئ من ذلك.
وقد ثبت في الصحيح أن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله. وروي عن وهب بن منبه أنه قال الشياطين أجناس، فخالص الجن لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون وهم ريح، ومنهم جنس يفعلون ذلك كله ويتوالدون وهم السعالى والغيلان ونحوهم انتهى.
قال المنذري: وأخرجه النسائي، وقال الدارقطني لم يسند أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، تفرد به جابر بن الصبح عن المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي عن جده أمية. هذا آخر كلامه. وقال يحيى بن معين: جابر بن صبح ثقة، وقال أبو القاسم البغوي: ولا أعلم روى إلا هذا الحديث. وقال أبو عمر النمري: له حديث واحد في التسمية على الأكل.
(باب في الأكل متكئا) (قال النبي صلى الله عليه وسلم لا آكل متكئا) قال الحافظ: اختلف في صفة الاتكاء، فقيل أن يتمكن في الجلوس للأكل على أي صفة كان، وقيل أن يميل على أحد شقيه، وقيل أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض قال الخطابي: تحسب العامة أن المتكئ هو الآكل على أحد شقيه وليس كذلك بل هو المعتمد على الوطاء الذي تحته. قال ومعنى الحديث أني لا أقعد متكئا على الوطاء عند الأكل فعل من يستكثر من الطعام فإني لا آكل إلا البلغة من الزاد، فلذلك أقعد مستوفزا.
وفي حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم أكل تمرا وهو مقع، وفي رواية وهو محتفز، والمراد الجلوس على وركيه غير متمكن. وأخرج ابن عدي بسند ضعيف زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يده اليسرى عند الأكل. قال مالك هو نوع من الاتكاء قلت: وفي هذا إشارة من مالك إلى كراهة كل ما يعد الأكل فيه متكئا ولا يختص بصفة بعينها. وجزم ابن الجوزي في تفسير الاتكاء بأنه الميل على أحد الشقين ولم يلتفت لإنكار الخطابي ذلك. وحكى ابن الأثير في النهاية أن من