بينكم من كمال اتصال ألفاظكم بل كان كلامه فصلا بينا واضحا لكونه مأمورا بالبلاغ المبين.
قال الطيبي: يقال فلان سرد الحديث إذا تابع الحديث بالحديث استعجالا وسرد الصوم تواليه يعني لم يكن حديث النبي صلى الله عليه وسلم متتابعا بحيث يأتي بعضه إثر بعض، فيلتبس على المستمع، بل كان يفصل كلامه لو أراد المستمع عده أمكنه فيتكلم بكلام واضح مفهوم في غاية الوضوح والبيان، كذا في المرقاة.
وفيه دليل على أن المحدث والقارئ للقرآن لا يحدث، ولا يقرأ متتابعا استعجالا بحيث يلتبس ويشتبه على السامع حديثه وقراءته، بل يحدث بكلام واضح مفهوم ليأخذ عنه المستمع ويحفظ عنه. وهكذا يفعل القارئ للقرآن، والله أعلم.
قال المنذري: وهو معنى الحديث المتقدم، والحديث أخرجه الترمذي والنسائي.
(باب التوقي) أي الاحتراز (في الفتيا) بالضم والقصر ويفتح بمعنى الفتوى والفتوى بالواو فتفتح الفاء وتضم مقصورا، وهي اسم من أفتى العالم إذا بين الحكم أي حكم المفتي. والمعنى هذا باب في الاحتراز عن الفتوى في الواقعات والحوادثات بغير علم، والاجتناب عن الإشاعة لصعاب المسائل التي غير نافعة في الدين، ويكثر فيها الغلط، ويفتح بها باب الشرور والفتن، فلا يفتي إلا بعد العلم من الكتاب والسنة وآثار الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
(نهى عن الغلوطات) بفتح الغين. قال في النهاية: وفي رواية الأغلوطات قال الهروي:
الغلوطات تركت منها الهمزة كما تقول جاء الأحمر وجاء الحمر بطرح الهمزة، وقد غلط من قال إنها جمع غلوطة.
قال الخطابي: يقال مسألة غلوط إذا كان يغلط فيها كما يقال شاة حلوب وفرس ركوب فإذا جعلتها اسما زدت فيها الهاء فقلت غلوطة كما يقال حلوبة وركوبة، وأراد المسائل التي يغالط بها العلماء ليزلوا فيها فيهيج بذلك شر وفتنة وإنما نهى عنها لأنها غير نافعة في الدين ولا تكاد تكون إلا فيما لا يقع. ومثله قول ابن مسعود أنذرتكم صعاب المنطق، يريد المسائل