الأمر للندب وهو بعيد، فقد ورد مدح من ترك الدواء والاسترقاء توكلا على الله. نعم قد تداوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانا للجواز، فمن نوى موافقته صلى الله عليه وسلم يؤجر على ذلك (لم يضع) أي لم يخلق (داء) أي مرضا وجمعه أدواء (إلا وضع له) أي خلق له (الهرم) بفتح الهاء والراء وهو بالجر على أنه بدل من داء، وقيل خبر مبتدأ محذوف أي هو الهرم، أو منصوب بتقدير أعني والمراد به الكبر. قاله القاري.
وقال الخطابي: في هذا الحديث إثبات الطب والعلاج وأن التداوي مباح غير مكروه كما ذهب إليه بعض الناس، وفيه أنه جعل الهرم داء وإنما هو ضعف الكبر وليس هو من الأدواء التي هي أسقام عارضة للأبدان من قبل اختلاف الطبائع وتغير الأمزجة، وإنما شبهه بالداء لأنه جالب التلف كالأدواء التي قد يتعقبها الموت والهلاك انتهى. قال العيني: فيه إباحة التداوي وجواز الطب وهو رد على الصوفية أن الولاية لا تتم إلا إذا رضي بجميع ما نزل به من البلاء ولا يجوز له مداواته وهو خلاف ما أباحه الشارع انتهى.
وقال المنذري: والحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة. وقال الترمذي حسن صحيح.
(باب في الحمية) قال أصحاب اللغة هي بكسر الحاء وسكون الميم، يقال حمى الشيء من الناس من باب ضرب يحميه حميا وحمية وحماية منعه عنهم، وحمى المريض ما يضره أي منعه إياه متعديا إلى مفعولين، والأشهر تعديه إلى الثاني بالحرف. وبالفارسية برهيز نمودن (أخبرنا أبو داود) أي الطيالسي (عن أم المنذر) قال الطبراني: يقال إن اسمها سلمى. قاله السيوطي (ومعه) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعلي ناقة) بالقاف المكسورة يقال نقه المريض ينقه فهو ناقة إذا برأ وأفاق فكان قريب العهد من المرض لم يرجع إليه كمال صحته وقوته (دوالي) جمع دالية وهي العذق من