على تحريم ما أكل منه الكلب من الصيد ولو كان الكلب معلما، وهذا قول الجمهور. وقال مالك: وهو قول الشافعي في القديم. ونقل عن بعض الصحابة أنه يحل، واحتجوا بحديث أبي ثعلبة الآتي في الباب، وحملوا قوله صلى الله عليه وسلم: " فإن أكل فلا تأكل " على كراهة التنزيه. واحتج الجمهور بحديث عدي هذا مع قوله تعالى: (فكلوا مما أمسكن عليكم) وهذا مما لم يمسك علينا بل على نفسه، وقدموا حديث عدي هذا على حديث أبي ثعلبة، لأنه أصح. ومنهم من تأول حديث أبي ثعلبة على ما إذا أكل منه بعد أن قتله وخلاه وفارقه ثم عاد فأكل منه فهذا لا يضر (فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه) معناه أن الله تعالى قال: (فكلوا مما أمسكن عليكم) فإنما أباحه بشرط أن نعلم أنه أمسك علينا، وإذا أكل منه لم نعلم أنه أمسكه لنا أم لنفسه فلم يوجد شرط إباحته، والأصل تحريمه. قاله النووي. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم وابن ماجة.
(ولم تجده في ماء) قال الخطابي إنما نهاه عن أكله إذا وجده في الماء لإمكان أن يكون الماء قد غرقه فيكون هلاكه من الماء لا من قبل الكلب الذي هو آلة الذكاة، وكذلك إذا وجد فيه أثرا لغير سهمه، والأصل أن الرخص تراعي شرائطها التي بها وقعت الإباحة، فمهما أخل بشئ منها عاد الأمر إلى التحريم الأصلي، وهذا باب كبير من العلم انتهى والحديث سكت عنه المنذري.
(إذا وقعت رميتك) أي الصيد المرمى بالسهم. قال المنذري: وفي البخاري ومسلم والترمذي نحوه.