لتجتمع في مكان واحد (نوجف) أي نسرع ونركض (عند كراع الغميم) بضم الكاف والعين المهملة، والغميم بالغين المعجمة موضع بين مكة والمدينة (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) قال ابن قتيبة قضينا لك قضاء عظيما، وقال مجاهد: هو ما قضى الله له بالحديبية انتهى.
وكانت قصة الحديبية مقدمة بين يدي الفتح الأعظم الذي أعز الله به رسوله وجنده، ودخل الناس به في دين الله أفواجا فكانت واقعة الحديبية بابا ومفتاحا ومؤذنا بين يديه، وهذه عادة الله سبحانه في الأمور العظام أن يوطئ لها بين يديها مقدمات وتوطئات تؤذن بها وتدل عليها، وكانت هذه الواقعة من أعظم الفتوح، فإن الناس أمن بعضهم بعضا واختلط المسلمون بالكفار، ونادوهم بالدعوة وأسمعوهم القرآن، وناظروهم على الاسلام جهرة آمنين وظهر من كان مختفيا بالإسلام ودخل فيه في تلك المدة من شاء الله أن يدخل ولذا سماه الله تعالى فتحا مبينا قاله الحافظ ابن القيم (فقال رجل) هو عمر بن الخطاب كما في زاد المعاد (قال: نعم) فقال الصحابة هنيا لك يا رسول الله فما لنا فأنزل الله عز وجل: (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) (إنه لفتح) أي خبر لفتح مكة أو فتح خيبر الذي وقع بعد صلح الحديبية متصلا به (فقسمت خيبر) أي غنائمها وأراضيها (على أهل الحديبية) الذين كانوا في صلح الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم وهم ألف وخمسمائة نفس كما في هذه الرواية (فأعطى الفارس) أي صاحب فرس مع فرسه (وأعطى الراجل) بالألف أي الماشي، والمعنى جعل كل السهام على ثمانية عشر سهما، فأعطى لكل مائة من الفوارس سهمين وكانوا ثلاثمائة فارس على هذه الرواية، فصارت سهامهم ستة سهام وبقي اثنا عشر سهما، وكانت الرجالة اثني عشر مائة فكان لكل مائة من الرجالة سهم واحد. هذا معنى هذا الحديث، لكن هذه الرواية ضعيفة وسيجئ بيانه. وقال ابن القيم في زاد المعاد: وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر على ستة وثلاثين سهما جمع كل سهم مائة سهم فكانت ثلاثة آلاف وستمائة سهم، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك وهو ألف وثمانمائة سهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم سهم كسهم أحد المسلمين وعزل النصف الآخر وهو ألف وثمانمائة سهم لنوائبه وما نزل به من أمور المسلمين.