في رواية (ويتبع) بتشديد التاء من الاتباع ويجوز أن يكون بسكونها وفتح الموحدة أي يشهد ويشيع (جنازته) بكسر الجيم ويفتح (ويحب له ما يحب) أي مثل ما يحب (لنفسه) من الخير وهذا فذلكة الكل ولذا اقتصر عليه في حديث أنس مرفوعا برواية أحمد وأصحاب الست إلا أبا داود لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ووقع في حديث البراء بن عازب الذي أشار إليه الترمذي أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس الحديث قال الحافظ في شرح هذا الحديث ما لفظه قال ابن دقيق العيد ظاهر الأمر الوجوب ويؤيده قوله في حديث أبي هريرة الذي في الباب الذي يليه فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته وفي حديث أبي هريرة عند مسلم حق المسلم على المسلم ست فذكر فيها وإذا عطس فحمد الله فشمته وللبخاري من وجه آخر عن أبي هريرة خمس تجب للمسلم على المسلم فذكر منها التشميت وهو عند مسلم أيضا وفي حديث عائشة عند أحمد وأبي يعلى وإذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله وليقل من عنده يرحمك الله وقد أخذ بظاهرها ابن مزين من المالكية وقال به جمهور أهل الظاهر وقال ابن أبي جمرة قال جماعة من علمائنا إنه فرض عين وقواه ابن القيم في حواشي السنن فقال جاء بلفظ الوجوب الصريح وبلفظ الحق الدال عليه وبلفظ على الظاهرة فيه وبصيغة الأمر التي هي حقيقة فيه وبقول الصحابي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ريب أن الفقهاء أثبتوا وجوب أشياء كثيرة بدون مجموع هذه الأشياء وذهب آخرون إلى أنها فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين ورجحه أبو الوليد بن رشد وأبو بكر بن العربي وقال به الحنفية وجمهور الباقين وذهب عبد الوهاب وجماعة من المالكية إلى أنه مستحب ويجزئ الواحد عن الجماعة وهو قول الشافعية والراجح من حيث الدليل القول الثاني والأحاديث الصحيحة الدالة على الوجوب لا تنافي كونه على الكفاية فإن الأمر بتشميت العاطس وإن ورد في عموم المكلفين ففرض الكفاية يخاطب به الجميع على الأصح ويسقط بفعل البعض وأما من قال إنه فرض على مبهم فإنه ينافي كونه فرض عين انتهى كلام الحافظ وقال ابن القيم في زاد المعاد بعد ذكر عدة أحاديث التشميت ما لفظه وظاهر الحديث المبدوء به (يعني حديث أبي هريرة عند البخاري إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته الحديث) إن التشميت فرض عين على كل من سمع العاطس يحمد الله ولا يجزئ تشميت الواحد عنهم وهذا أحد قولي العلماء واختاره ابن أبي زيد وابن العربي المالكي ولا دافع له انتهى قلت الظاهر ما قاله ابن القيم والله تعالى أعلم
(٦)