قوله (يوم جئته) أي عام الفتح وزاد مالك في الموطأ فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وثب إليه فرحا وما عليه رداء حتى بايعه (مرحبا) مقول القول أي جئت مرحبا أي موضعا واسعا قال الحافظ هو منصوب بفعل مضمر أي صادفت رحبا بضم الراء أي سعة والرحب بالفتح الشئ الواسع وقد يزيدون معها أهلا أي وجدت أهلا فاستأنس وأفاد العسكري أن أول من قال مرحبا سيف بن ذي يزن وفيه دليل على استحباب تأنيس القادم وقد تكرر ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم (بالراكب المهاجر) أي إلى الله ورسوله أو من دار الحرب إلى دار الاسلام وفيه إشعار بأن قوله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح أي من مكة لأنها صارت دار الاسلام بخلاف ما قبل الفتح فإن الهجرة كانت واجبة بل شرطا وأما الهجرة من دار الكفر إلى دار الاسلام فوجوبها باق إلى يوم القيامة قال صاحب المشكاة في الإكمال هو عكرمة بن أبي جهل واسم أبي جهل عروة بن هشام المخزومي القرشي كان شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأبوه وكان فارسا مشهورا وهرب يوم الفتح فلحق باليمن فلحقت به امرأته أم حكيم بنت الحارث فأتت به النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال مرحبا بالراكب المهاجر فأسلم بعد الفتح سنة ثمان وحسن إسلامه وقتل يوم اليرموك سنة ثلاث عشرة وله اثنتان وستون سنة قالت أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت لأبي جهل عذفا في الجنة فلما أسلم عكرمة قال يا أم سلمة هذا هو قالت وشكا عكرمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إذا مر بالمدينة قالوا هذا ابن عدو الله أبي جهل فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وقال الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا انتهى قوله (وفي الباب عن بريدة وابن عباس وأبي جحيفة) أما حديث بريدة فأخرجه ابن أبي عاصم عنه أن عليا لما خطب فاطمة قال له النبي صلى الله عليه وسلم مرحبا وأهلا وهو عند النسائي وصححه الحاكم وأما حديث ابن عباس فأخرجه البخاري في كتاب الإيمان والأشربة والأدب وأما حديث أبي جحيفة فلينظر من أخرجه وفي الباب أحاديث أخرى أخرجها ابن أبي عاصم وابن السني كما في الفتح قوله (وهذا حديث ليس إسناده بصحيح) وأخرجه مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن أم حكيم زوج عكرمة بن أبي جهل مطولا
(٤)