بلفظ الواحد ونقل الحافظ هذا الحديث في الفتح عن الترمذي وفيه فقالوا بلفظ الجمع وهو الظاهر وقد روى الإمام أحمد هذا الحديث في مسنده بسند الترمذي وفيه أيضا فقالوا بصيغة الجمع (فأنزل الله تعالى يسألونك عن الروح) حديث ابن عباس هذا يدل على أن هذه الآية نزلت بمكة وفي حديث ابن مسعود الآتي قال كنت أمشي مع النبي في حرث بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود إلخ وأخرجه البخاري في كتاب العلم من صحيحه وفيه بينا أنا أمشي مع النبي في حرث المدينة إلخ وهو صريح في أن هذه الآية نزلت بالمدينة قال الحافظ ويمكن الجمع بأن يتعدد النزول بحمل سكونه في المرة الثانية على توقع مزيد بيان في ذلك وإن ساغ هذا وإلا فما في الصحيح أصح قال والأكثر على أنهم سألوه عن حقيقة الروح الذي في الحيوان وقيل عن جبريل وقيل عن عيسى وقيل عن القرآن وقيل عن خلق عظيم روحاني وقيل غير ذلك وجنح ابن القيم في كتاب الروح إلى ترجيح أن المراد بالروح المسؤول عنها في الآية ما وقع في قوله تعالى يوم يقوم الروح والملائكة صفا قال وأما أرواح بني ادم فلم يقع تسميتها في القرآن إلا نفسا كذا قال ولا دلالة في ذلك لما رجحه بل الراجح الأول يعني روح الإنسان فقد أخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في هذه القصة أنهم قالوا عن الروح وكيف يعذب الروح الذي في الجسد وإنما الروح من الله فنزلت الآية هذا تلخيص كلام الحافظ (قل الروح من أمر ربي) قال الخازن تكلم قوم في ماهية الروح فقال بعضهم هو الدم ألا ترى أن الإنسان إذا مات لا يفوت منه شئ إلا الدم وقال قوم هو نفس الحيوان بدليل أنه يموت باحتباس النفس وقال قوم هو عرض وقال قوم هو جسم لطيف يحيى به الإنسان وقيل الروح معنى اجتمع فيه النور والطب والعلم والعلو والبقاء ألا ترى أنه إذا كان موجودا يكون الإنسان موصوفا بجميع هذه الصفات وإذا خرج منه ذهب الكل وأقاويل الحكماء والصوفية في ماهية الروح كثيرة وأولى الأقاويل أن يوكل علمه إلى الله عز وجل وهو قول أهل السنة
(٤٥٧)