قال أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان يعني عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ونقل السيد السند عن الأزهار أنه قيل شق ظهره واستخرجهم منه وقيل إنه استخرجهم من ثقوب رأسه والأقرب أنه استخرجهم من مسام شعرات ظهره ذكره القارئ في المرقاة قلت حديث ابن عباس الذي ذكره بقوله وروى عن ابن عباس الخ أخرجه أحمد في مسنده والنسائي في كتاب التفسير من سننه وابن جير وابن أبي حاتم والحاكم في مستدركه وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقد روى هذا الحديث موقوفا على ابن عباس قال الحافظ ابن كثير وهذا أي كونه موقوفا علي ابن عباس أكثر وأثبت انتهى قال الإمام الرازي أطبقت المعتزلة على أنه لا يجوز تفسيره هذه الآية بهذا الحديث لأن قوله من ظهورهم بدل من بني آدم فالمعنى وإذ أخذ ربك من ظهور بني آدم فلم يذكر أنه أخذ من ظهر آدم شيئا وما كان المراد الأخذ من ظهر آدم لقيل من ظهره وأجاب بأن ظاهر الآية يدل على أنه تعالى أخرج الذرية من ظهور بني آدم وأما أنه أخرج تلك الذرية من ظهر آدم فلا تدل الآية على إثباته ونفيه والخبر قد دل على ثبوته فوجب القول بهما معا بأن بعض الذر من ظهر بعض الذر والكل من ظهر آدم صونا للآية والحديث عن الاختلاف انتهى وقال التوربشتي هذا الحديث يعني حديث ابن عباس المذكور لا يحتمل من التأويل ما يحتمله حديث عمر رضي الله تعالى عنه ولا أرى المعتزلة يقابلون هذه الحجة إلا بقولهم حديث ابن عباس هذا من الآحاد فلا نترك به ظاهر الكتاب وإنما هربوا عن القول في معنى الآية بما يقتضيه ظاهر الحديث لمكان قوله تعالى أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين فقالوا إن كان هذا الإقرار عن اضطرار حيث كوشفوا بحقيقة الأمر وشاهدوه عين اليقين فلهم يوم القيامة أن يقولوا شهدنا يومئذ فلما زال عنا علمنا علم الضرورة ووكلنا إلى آرائنا كان منا من أصاب ومنا من أخطأ وإن كان عن استدلال ولكنهم عصموا عنده من الخطأ فلهم أن يقولوا أيدنا يوم الإقرار بالتوفيق والعصمة وحرمناهما من بعد ولو مددنا بهما لكانت شهادتنا في كل حين كشهادتنا في اليوم الأول فقد تبين أن الميثاق ما ركز الله فيهم من العقول وآتاهم وآباءهم من البصائر لأنها هي الحجة الباقية المانعة لهم أن يقولوا إنا كنا عن هذا غافلين لأن الله تعالى جعل هذا الإقرار حجة عليهم في الإشراك كما جعل بعث الرسل حجة عليهم في الإيمان بما أخبروا به من الغيوب قال الطيبي وخلاصة ما قالوه أنه يلزم أن يكونوا محتجين يوم القيامة بأنه زال عنا علم الضرورة ووكلنا إلى آرائنا فيقال لهم كذبتم بل أرسلنا رسلنا تترى يوقظونكم من سنة الغفلة وأما
(٣٦١)