الذين لا رشد لهم أموالهم - إلى قوله: وهو الملائم للآيات المتقدمة والمتأخرة كأنه يريد بالمتقدمة قوله: " وآتوا اليتامى أموالهم " وهو بعيد.
فالآية تدل على عدم جواز تسليم أموال السفهاء إليهم لمن بيده مالهم، فيضمن المعطي مطلقا على الظاهر، ووجوب إنفاقهم وكسوتهم في أموالهم ويمكن إدخال سائر الضروريات مثل السكنى في الانفاق، وهو في الولي ظاهر، وفي غيره إذا كان لهم ولى مطلقا، فهو بمنزلتهم فالاعطاء إليه إعطاء إليهم، وإذا لم يكن ولي أصلا لا يبعد وجوبه على المتصرف كالولي مع عدم الضمان، وينبغي الاشهاد، ويفهم منه أنه يجوز لمن عنده المال من غير شرط العدالة ولا إذن الولي والحاكم، ويمكن استخراج الإذن مع الامكان من خارج وتدل أيضا على وجوب القول المعروف لهم وعدم جواز قول يؤذيهم بما يحرم، ويحتمل كون الأمر للندب.
ثم اعلم أن ظاهر هذه وقوله تعالى: " وابتلوا اليتامى " إلى قوله: " فإن آنستم منهم رشدا " والتي تقدمت في آخر البقرة و " من كان سفيها أو ضعيفا فليملل وليه " أن السفيه بمجرد ظهور سفهه محجور عليه في ماله مطلقا فلا يجوز تصرفاته المالية ولا تسليم ماله إليه، ولا أخذه منه، فيحرم ويضمن سواء كان بالمعاوضة أو لا مثل الهبة والزكاة والخمس وغيرها، وقد مر تفسير السفيه، فلو صرف ماله فيما لا ينبغي عقلا أو شرعا، وإن كان له فائدة بدنية ودنيوية فإنه مضيع لذلك المال شرعا ومبذر وسفيه، وقد ادعى الاجماع في التذكرة على أن صرف المال في محرم مثل الخمر سفه وإسراف، وظاهره اجماع الأمة.
في الكشاف في تفسير قوله تعالى: " ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا " (1) التبذير تفريق المال في ما لا ينبغي، وإنفاقه على وجه الاسراف، وكانت الجاهلية تنحر إبلها ويتياسر عليها، وتبذر أموالها في الفخر والسمعة وتذكر ذلك في أشعارها، فأمرها الله بالنفقة في وجوهها مما يقرب منه ويزلف، وعن عبد الله بن عباس هو إنفاق المال في غير حقه وعن مجاهد لو أنفق مدا