أن يكون المصلحة ودفع المفسدة في القتل لا بالموت بوجه آخر، وغير ذلك مثل نسبة النسيان إلى النبي وجواز إسناد شئ غير حسن بحسب الظاهر إلى الغير مثل خرق السفينة لغرق الناس، وقتل النفس الزكية القبيح، وخلف الوعد، والكل مجاب ليس هذا محل ذكره فتأمل، وأيضا قال: فيها بيان طرق استعمال الأدب من المعلم والمتعلم، وقد بين وجوها حسنة في آداب التعليم فليرجع إليه المربد.
" قال سلام عليك سأستغفر لك ربي " الآية (1) أي قال إبراهيم ذلك ودعا لأبيه وسلم عليه، فيدل على جواز السلام على الأب والدعاء والاستغفار له، وإن لم يكن مسلما، وإن طرد الولد، وقيل: ما كان معلوم القبح عقلا وما منع شرعا فجاز أن يكون الدعاء بتوفيق الاسلام فيغفر له بعد ذلك، ويدل على الأول " و ما كان دعاء إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين " الآية (2) فكأنه يقول وعده أباه وقال " سأستغفر لك " ولم يتبين له أنه من أصحاب النار فلما تبين ترك، لكن قاعدة الأصحاب تقتضي عدم كون آزر أباه فقيل: كان عمه، وقد يسمى العم به، ويؤيده ما ذكره في القاموس آزر اسم عم إبراهيم وأما أبوه فكان اسمه تارح وقال فيه في باب الحاء وفصل التاء تارح كآدم أبو إبراهيم الخليل عليه السلام.
" إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة " (3) في القاموس الفاحشة الزنا وما يشتد قبحه من الذنوب وكلما نهى الله عز وجل عنه وفي الكشاف: الفحشاء والفاحشة ما أفرط قبحه يعني الذين يريدون شيوع الفاحشة وظهورها، ويقصدون إشاعتها ونسبتها إلى المؤمنين تفضيحا لهم، و في مجمع البيان يفشون ويظهرون الزنا والقبائح " في الذين آمنوا " بأن ينسبوها إليهم ويقذفوهم بها " لهم عذاب أليم في الدنيا " بإقامة الحد عليهم كما ينبغي أو التعزير إلا أن يراد بالحد أعم، وفي الآخرة " هو عذاب النار.