عن الشح وتحريمه، وتحريم الاسراف والتبذير لا غير فافهم.
قال في الكشاف: هذا تمثيل لمنع الشحيح، وإعطاء المسرف، وأمر بالاقتصاد الذي بين الاسراف والتقتير، ونعم ما قال، ويؤيده ما قبلها وما بعدها " إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا " يوسع لمن يشاء ويرى المصلحة له في ذلك، فإن الله هو العالم الحكيم لا يفعل إلا لغرض ومصلحة عائدة إلى عبيده، فالبسط والضيق إنما يكون في محله ومصلحته وتدبيره لهم ذلك لا غير، و هو ظاهر بناء على أصولنا.
" ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله " (1) في الكشاف أي لا تقولن لأجل شئ تعزم عليه إني فاعل ذلك الشئ فيما يستقبل من الزمان، ولم يرد الغد خاصة " إلا أن يشاء الله " متعلق بالنهي على وجهين أحدهما ولا تقولن ذلك القول إلا أن يشاء الله أن تقوله، بأن يأذن لك فيه، والثاني ولا تقولنه إلا بمشيئة الله، و هو في موضع الحال يعني إلا متلبسا بمشيئة الله تعالى قائلا إنشاء الله، وفيه وجه ثالث وهو أن يكون إنشاء الله في معنى كلمة تأبيد كأنه قيل: ولا تقولنه أبدا، ونحوه قوله " وما كان لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله " لأن عودهم في ملتهم مما لن يشاء الله وقد ذكرنا مثله في قوله " هم فيها خالدون إلا ما شاء ربك ".
ثم قال: وهذا نهي تأديب من الله لنبيه، حين قالت اليهود لقريش: سلوه عن الروح وعن أصحاب الكهف وذوي القرنين، فسألوه فقال: ائتوني غدا أخبركم ولم يستثن فأبطأ عليه الوحي حتى شق عليه وكذبته قريش، فظاهر هذه تحريم الأخبار بفعله في المستقبل إلا أن يقارنه بقوله إن شاء الله على أحد الوجوه والقائل به غير معلوم، فيحتمل أن يكون من خصائصه عليه وعلى آله السلام أو منسوخا أو يكون النهي للكراهة والتأديب كما قال في الكشاف وهذا نهي تأديب فتأمل.
" أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان ورائهم