فيها دلالة على تحريم القصد إلى المحرم إلا أن يراد المبالغة كما في نحو " ولا تقربوا " أو أراد إشاعة الفاحشة [المحبوبة] ونسبة القبايح والمحرمات إلى المؤمنين وإشاعة الذنوب فتأمل " والله يعلم " ما في الضمائر " وأنتم لا تعلمون " قال القاضي: فعاقبوا في الدنيا على ما دل عليه الظاهر، والله سبحانه يعاقب على ما في القلوب من حب الإشاعة.
" ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة " (1) أي لا يخلف ذو مال وغنى وسعة و قدرة منكم أيها المؤمنون " أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله " أي على أن لا يعطي هؤلاء المذكورين، بل يعطيهم وإن حلف، فيكون التقدير أن لا يؤتوا، وحذف " لا " وهو قليل، أو لا يأتل يعني لا يقصر في الاحسان إليهم وإن كان بينهم شحناء لجناية اقترفوها، فليعودوا عليهم بالعفو والصفح، وليفعلوا بهم مثل ما يرجون أن يفعل الله بهم، مع كثرة خطاياهم وذنوبهم وهو معنى قوله " وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم " إشارة إلى ما صدر عنه في إفك عائشة أي الافتراء عليها بالفاحشة مع جماعة من المنافقين.
وقد ذكروا في تفسير " إن الذين جاؤوا بالإفك ". الآية قيل: هذه الآية نزلت في شأن مسطح وكان ابن خالة أبي بكر وكان فقيرا من فقراء المهاجرين، و كان أبو بكر ينفق عليه فلما فرط منه ما فرط آلى أبو بكر أن لا ينفق عليه، ولما نزلت فقال أبو بكر: بلى أحب أن يغفر الله لي، عاد أبو بكر إلى ما كان فأنفق على مسطح ما كان ينفقه عليه وقال والله ما أنزعها أبدا وفي مجمع البيان قيل نزلت في أبي بكر ونقل ما في الكشاف على ما تقدم، وقيل: نزلت في يتيم كان في حجر أبي وحلف لا ينفق عليه، وقيل: نزلت في جماعة من الصحابة أقسموا أن لا يتصدقوا على رجل تكلم بشئ من الإفك.
وفي الآية دلالة على عدم جواز الحلف على ترك الاعطاء، ولو كان المعطى