رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول ومثله في رواية ابن أبي عمر عن سفيان لكن قال وهو يلتفت إلى الناس مرة واليه أخرى (قوله ابني هذا سيد) في رواية عبد الله بن محمد ان ابني هذا سيد وفي رواية مبارك بن فضالة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضم الحسن بن علي إليه وقال إن ابني هذا سيد وفي رواية علي بن زيد فضمه إليه وقال الا ان ابني هذا سيد (قوله ولعل الله ان يصلح به) كذا استعمل لعل استعمال عسى لاشتراكهما في الرجاء والأشهر في خبر لعل بغير ان كقوله تعالى لعل الله يحدث (قوله بين فئتين من المسلمين) زاد عبد الله بن محمد في روايته عظيمتين وكذا في رواية مبارك بن فضالة وفي رواية علي بن زيد كلاهما عن الحسن عند البيهقي واخرج من طريق أشعث ابن عبد الملك عن الحسن كالأول لكنه قال واني لأرجو ان يصلح الله به وجزم في حديث جابر ولفظه عند الطبراني والبيهقي قال للحسن ان ابني هذا سيد يصلح الله به بين فئتين من المسلمين قال البزار روى هذا الحديث عن أبي بكرة وعن جابر وحديث أبي بكرة أشهر وأحسن إسنادا وحديث جابر غريب وقال الدارقطني اختلف على الحسن فقيل عنه عن أم سلمة وقيل عن ابن عيينة عن أيوب عن الحسن وكل منهما وهم ورواه داود بن أبي هند وعوف الأعرابي عن الحسن مرسلا وفي هذه القصة من الفوائد علم من أعلام النبوة ومنقبة للحسن بن علي فإنه ترك الملك لا لقلة ولا لذلة ولا لعلة بل لرغبته فيما عند الله لما رآه من حقن دماء المسلمين فراعى أمر الدين ومصلحة الأمة وفيها رد على الخوارج الذين كانوا يكفرون عليا ومن معه ومعاوية ومن معه بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم للطائفتين بأنهم من المسلمين ومن ثم كان سفيان بن عيينة يقول عقب هذا الحديث قوله من المسلمين يعجبنا جدا أخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه عن الحميدي وسعيد بن منصور عنه وفيه فضيلة الاصلاح بين الناس ولا سيما في حقن دماء المسلمين ودلالة على رأفة معاوية بالرعية وشفقته على المسلمين وقوة نظره في تدبير الملك ونظره في العواقب وفيه ولاية المفضول الخلافة مع وجود الأفضل لان الحسن ومعاوية ولي كل منهما الخلافة وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد في الحياة وهما بدريان قاله ابن التين وفيه جواز خلع الخليفة نفسه إذا رأى في ذلك صلاحا للمسلمين والنزول عن الوظائف الدينية والدنيوية بالمال وجواز أخذ المال على ذلك واعطائه بعد استيفاء شرائطه بأن يكون المنزول له أولى من النازل وأن يكون المبذول من مال الباذل فإن كان في ولاية عامة وكان المبذول من بيت المال اشترط أن تكون المصلحة في ذلك عامة أشار إلى ذلك ابن بطال قال يشترط ان يكون لكل من الباذل والمبذول له سبب في الولاية يستند إليه وعقد من الأمور يعول عليه وفيه ان السيادة لا تختص بالأفضل بل هو الرئيس على القوم والجمع سادة وهو مشتق من السودد وقيل من السواد لكونه يرأس على السواد العظيم من الناس أي الاشخاص الكثيرة وقال المهلب الحديث دال على أن السيادة انما يستحقها من ينتفع به الناس لكونه علق السيادة بالاصلاح وفيه إطلاق الابن على ابن البنت وقد انعقد الاجماع على أن امرأة الجد والد الام محرمة علي ابن بنته وان امرأة ابن البنت محرمة على جده وان اختلفوا في التوارث واستدل به على تصويب رأي من قعد عن القتال مع معاوية وعلي وإن كان علي أحق بالخلافة وأقرب إلى الحق وهو قول سعد بن أبي
(٥٧)