النووي تواتر العلم بخروج هذه النار عند جميع أهل الشام وقال أبو شامة في ذيل الروضتين وردت في أوائل شعبان سنة أربع وخمسين كتب من المدينة الشريفة فيها شرح أمر عظيم حدث بها فيه تصديق لما في الصحيحين فذكر هذا الحديث قال فأخبرني بعض من أثق به ممن شاهدها انه بلغه انه كتب بتيماء على ضوئها الكتب فمن الكتب فذكر نحو ما تقدم ومن ذلك أن في بعض الكتب ظهر في أول جمعة من جمادى الآخرة في شرقي المدينة نار عظيمة بينها وبين المدينة نصف يوم انفجرت من الأرض وسال منها واد من نار حتى حاذى جبل أحد وفي كتاب آخر انبجست الأرض من الحرة بنار عظيمة يكون قدرها مثل مسجد المدينة وهي برأي العين من المدينة وسال منها واد يكون مقداره أربع فراسخ وعرضه أربع أميال يجري على وجه الأرض ويخرج منه مهاد وجبال صغار وفي كتاب آخر ظهر ضوؤها إلى أن رأوها من مكة قال ولا أقدر أصف عظمها ولها دوي قال أبو شامة ونظم الناس في هذا أشعارا ودام أمرها أشهرا ثم خمدت والذي ظهر لي ان النار المذكورة في حديث الباب هي التي ظهرت بنواحي المدينة كما فهمه القرطبي وغيره واما النار التي تحشر الناس فنار أخرى وقد وقع في بعض بلاد الحجاز في الجاهلية نحو هذه النار التي ظهرت بنواحي المدينة في زمن خالد بن سنان العبسي فقام في أمرها حتى أخمدها ومات بعد ذلك في قصة له ذكرها أبو عبيدة معمر بن المثني في كتاب الجماجم وأوردها الحاكم في المستدرك من طريق يعلى بن مهدي عن أبي عوانة عن أبي يونس عن عكرمة عن ابن عباس ان رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه اني أطفي عنكم نار الحدثان فذكر القصة وفيها فانطلق وهي تخرج من شق جبل من حرة يقال لها حرة أشجع فذكر القصة في دخوله الشق والنار كأنها جبل سقر فضربها بعصاه حتى أدخلها وخرج وقد أوردت لهذه القصة طرفا من ترجمته في كتابي في الصحابة (قوله تضئ أعناق الإبل ببصرى) قال ابن التين يعني من آخرها يبلغ ضوؤها إلى الإبل التي تكون ببصرى وهي من ارض الشام وأضاء يجئ لازما ومتعديا يقال أضاءت النار وأضاءت النار غيرها وبصرى بضم الموحدة وسكون المهملة مقصور بلد بالشام وهي حوران وقال أبو البقاء أعناق بالنصب على أن تضئ متعد والفاعل النار أي تجعل على أعناق الإبل ضوا قال ولو روى بالرفع لكان متجها أي تضئ أعناق الإبل به كما جاء في حديث آخر أضاءت له قصور الشام وقد وردت في هذا الحديث زيادة من وجه آخر أخرجه ابن عدي في الكامل من طريق عمر بن سعيد التنوخي عن ابن شهاب عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عمر بن الخطاب يرفعه لا تقوم الساعة حتى يسيل واد من أودية الحجاز بالنار تضئ له أعناق الإبل ببصرى وعمر ذكره ابن حبان في الثقات ولينه ابن عدي والدارقطني وهذا ينطبق على النار المذكورة التي ظهرت في المائة السابعة وأخرج أيضا الطبراني في آخر حديث حذيفة بن أسيد الذي مضى التنبيه عليه وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من رومان أو ركوبة تضئ منها أعناق الإبل ببصرى (قلت) وركوبه ثنية صعبة المرتقى في طريق المدينة إلى الشام مر بها النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ذكره البكري ورومان لم يذكره البكري ولعل المراد رومة البئر المعروفة بالمدينة فجمع في هذا الحديث بين النارين وان إحداهما تقع قبل قيام الساعة مع جملة الأمور التي أخبر بها الصادق صلى الله عليه وسلم والاخرى هي التي
(٦٩)