حديث أبي هريرة من حديث عائشة ما يشير إلى بيان الزمان الذي يقع فيه ذلك ولفظه لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى وفيه يبعث الله ريحا طيبة فتوفي كل من في قلبه مثقال حبة من خردل من ايمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين أبائهم وعنده في حديث عبد الله بن عمرو رفعه يخرج الدجال في أمتي الحديث وفيه فيبعث الله عيسى بن مريم فيطلبه فيهلكه ثم يمكث الناس سبع سنين ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال حبة من خير أو ايمان الا قبضته وفيه فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيأمرهم بعبادة الأوثان ثم ينفخ في الصور فظهر بذلك ان المراد بأمر الله في حديث لا تزال طائفة وقوع الآيات العظام التي يعقبها قيام الساعة ولا يتخلف عنها الا شيئا يسيرا ويؤيده حديث عمران بن حصين رفعه لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناواهم حتى يقاتل آخرهم الدجال أخرجه أبو داود والحاكم ويؤخذ منه صحة ما تأولته فان الذين يقاتلون الدجال يكونون بعد قتله مع عيسى ثم يرسل عليهم الريح الطيبة فلا يبقى بعدهم الا الشرار كما تقدم ووجدت في هذا مناظرة لعقبة بن عامر ومحمد بن مسلمة فأخرج الحاكم من رواية عبد الرحمن بن شماسة ان عبد الله بن عمرو قال لا تقوم الساعة الا على شرار الخلق هم شر من أهل الجاهلية فقال عقبة بن عامر عبد الله أعلم ما تقول واما انا فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك فقال عبد الله أجل ويبعث الله ريحا ريحها ريح المسك ومسها مس الحرير فلا تترك أحدا في قلبه مثقال حبة من ايمان الا قبضته ثم يبقى شرار الناس فعليهم تقوم الساعة فعلى هذا فالمراد بقوله في حديث عقبة حتى تأتيهم الساعة ساعتهم هم وهي وقت موتهم بهبوب الريح والله أعلم وقد تقدم بيان شئ من هذا في أواخر الرقاق عند الكلام على حديث طلوع الشمس من المغرب * الحديث الثاني (قوله حدثنا عبد العزيز بن عبد الله) هو الأويسي وسليمان هو ابن بلال وثور هو ابن زيد وأبو الغيث هو سالم والسند كله مدنيون (قوله حتى يخرج رجل من قحطان) تقدم شرحه في أوائل مناقب قريش قال القرطبي في التذكرة قوله يسوق الناس بعصاه كناية عن غلبته عليهم وانقيادهم له ولم يرد نفس العصا لكن في ذكرها إشارة إلى خشونته عليهم وعسفه بهم قال وقد قيل إنه يسوقهم بعصاه حقيقة كما تساق الإبل والماشية لشدة عنفه وعدوانه قال ولعله جهجاه المذكور في الحديث الآخر وأصل الجهجاه الصياح وهي صفة تناسب ذكر العصا (قلت) ويرد هذا الاحتمال إطلاق كونه من قحطان فظاهره انه من الأحرار وتقييده في جهجاه بأنه من الموالي ما تقدم أنه يكون بعد المهدي وعلى سيرته وانه ليس دونه ثم وجدت في كتاب التيجان لابن هشام ما يعرف منه ان ثبت اسم القحطاني وسيرته وزمانه فذكر ان عمران بن عامر كان ملكا متوجا وكان كاهنا معمرا وانه قال لأخيه عمرو بن عامر المعروف بمزيقيا لما حضرته الوفاة ان بلادكم ستخرب وان لله في أهل اليمن سخطتين ورحمتين فالسخطة الأولى هدم سد مأرب وتخرب البلاد بسببه والثانية غلبة الحبشة على أرض اليمن والرحمة الأولى بعثة نبي من تهامة اسمه محمد يرسل بالرحمة ويغلب أهل الشرك والثانية إذا خرب بيت الله يبعث الله رجلا يقال له شعيب بن
(٦٧)