وساق الحديث بطوله أيضا وفيه ائتوا موسى عبدا آتاه الله التوراة وكلمه تكليما وكذا وقع في حديث أبي بكر الصديق في الشفاعة الذي أخرجه أحمد وغيره وصححه أبو عوانة وغيره فيأتون إبراهيم فيقول انطلقوا إلى موسى فان الله كلمه تكليما وذكر البخاري في كتاب خلق أفعال العباد منه هذا القدر تعليقا * ثالثها حديث أنس في المعراج أورده من رواية شريك بن عبد الله أي ابن أبي نمر بفتح النون وكسر الميم وهو مدني تابعي يكنى أبا عبد الله وهو أكبر من شريك بن عبد الله النخعي القاضي وقد أورد بعض هذا الحديث في الترجمة النبوية وأورد حديث الاسراء من رواية الزهري عن أنس عن أبي ذر في أوائل كتاب الصلاة وأورده من رواية قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة في بدء الخلق وفي أوائل البعثة قبل الهجرة وشرحته هناك وأخرت ما يتعلق برواية شريك هذه هنا لما اختصت به من المخالفات (قوله ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه) في رواية الكشميهني إذ جاء بدل انه جاءه والأول أولى والنفر الثلاثة لم أقف على تسميتهم صريحا لكنهم من الملائكة وأخلق بهم أن يكونوا من ذكر في حديث جابر الماضي في أوائل الاعتصام بلفظ جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم فقال بعضهم انه نائم وقال بعضهم ان العين نائمة والقلب يقظان وبينت هناك أن منهم جبريل وميكائيل ثم وجدت التصريح بتسميتهما في رواية ميمون بن سياه عن أنس عند الطبراني ولفظه فأتاه جبريل وميكائيل فقالا أيهم وكانت قريش تنام حول الكعبة فقالا أمرنا بسيدهم ثم ذهبا ثم جاءا وهم ثلاثة فألقوه فقلبوه لظهره وقوله وقبل قبل أن يوحى إليه أنكرها الخطابي وابن حزم وعبد الحق والقاضي عياض والنووي وعبارة النووي وقع في رواية شريك يعني هذه أوهام أنكرها العلماء أحدها قوله قبل أن يوحى إليه وهو غلط لم يوافق عليه وأجمع العلماء على أن فرض الصلاة كان ليلة الاسراء فكيف يكون قبل الوحي انتهى وصرح المذكورون بأن شريكا تفرد بذلك وفي دعوى التفرد نظر فقد وافقه كثير بن خنيس بمعجمة ونون مصغر عن أنس كما أخرجه سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في كتاب المغازي من طريقه (قوله وهو نائم في المسجد الحرام) قد أكد هذا بقوله في آخر الحديث فاستيقظ وهو في المسجد الحرام ونحوه ما وقع في حديث مالك بن صعصعة بين النائم واليقظان وقد قدمت وجه الجمع بين مختلف الروايات في شرح الحديث (قوله فقال أولهم أيهم هو) فيه اشعار بأنه كان نائما بين جماعة أقلهم اثنان وقد جاء أنه كان نائما معه حينئذ حمزة بن عبد المطلب عمه وجعفر بن أبي طالب بن عمه (قوله فقال أحدهم خذوا خيرهم فكانت تلك الليلة) الضمير المستتر في كانت لمحذوف وكذا خبر كان والتقدير فكانت القصة الواقعة تلك الليلة ما ذكر هنا (قوله فلم يرهم) أي بعد ذلك (حتى اتوه ليلة أخرى) ولم يعين المدة التي بين المجيئين فيحمل على أن المجئ الثاني كان بعد أن أوحى إليه وحينئذ وقع الاسراء والمعراج وقد سبق بيان الاختلاف في ذلك عند شرحه وإذا كان بين المجيئين مدة فلا فرق في ذلك بين أن تكون تلك المدة ليلة واحدة أو ليالي كثيرة أو عدة سنين وبهذا يرتفع الاشكال عن رواية شريك ويحصل به الوفاق أن الاسراء كان في اليقظة بعد البعثة وقبل الهجرة ويسقط تشنيع الخطابي وابن حزم وغيرهما بأن شريكا خالف الاجماع في دعواه ان المعراج كان قبل البعثة وبالله التوفيق وأما ما ذكره بعض الشراح انه كان بين الليلتين اللتين
(٣٩٩)