الصحابي الجليل بهذا الخطاب القبيح من قبل ان يستكشف من عذره ويقال انه أراد قتله فبين الجهة التي يريد ان يجعله مستحقا للقتل بها وقد أخرج الطبراني من حديث جابر بن سمرة رفعه لعن الله من بدا بعد هجرته الا في الفتنة فإن البدو خير من المقام في الفتنة (قوله قال لا) أي لم أسكن البادية رجوعا عن هجرتي (ولكن) بالتشديد والتخفيف (قوله أذن لي في البدو) وفي رواية حماد بن مسعدة عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة انه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في البداوة فأذن له أخرجه الإسماعيلي وفي لفظ له استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم وقد وقع لسلمة في ذلك قصة أخرى مع غير الحجاج فأخرج أحمد من طريق سعيد بن إياس بن سلمة أن أباه حدثه قال قدم سلمة المدينة فلقيه بريدة بن الخصيب فقال ارتددت عن هجرتك فقال معاذ الله اني في اذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول أبدوا يا أسلم أي القبيلة المشهورة التي منها سلمة وأبو برزة وبريدة المذكور قالوا انا نخاف ان يقدح ذلك في هجرتنا قال أنتم مهاجرون حيث كنتم وله شاهد من رواية عمرو بن عبد الرحمن بن جرهد قال سمعت رجلا يقول لجابر من بقى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنس بن مالك وسلمة بن الأكوع فقال رجل أما سلمة فقد ارتد عن هجرته فقال لا تقل ذلك فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لاسلم أبدوا قالوا انا نخاف ان نرتد بعد هجرتنا قال أنتم مهاجرون حيث كنتم وسند كل منهما حسن (قوله وعن يزيد بن أبي عبيد) هو موصول بالسند المذكور (قوله لما قتل عثمان بن عفان خرج سلمة إلى الربذة) بفتح الراء والموحدة بعدها معجمة موضع بالبادية بين مكة والمدينة ويستفاد من هذه الرواية مدة سكنى سلمة البادية وهي نحو الأربعين سنة لان قتل عثمان كان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وموت سلمة سنة أربع وسبعين على الصحيح (قوله فلم يزل بها) في رواية الكشميهني هناك حتى قبل ان يموت بليال) كذا فيه بحذف كان بعد قوله حتى وقبل قوله قبل وهي مقدرة وهو استعمال صحيح (قوله نزل المدينة) في رواية المستملي والسرخسي فنزل بزيادة فاء وهذا يشعر بان سلمة لم يمت بالبادية كما جزم به يحيى بن عبد الوهاب بن منده في الجزء الذي جمعه في آخر من مات من الصحابة بل مات بالمدينة كما تقتضيه رواية يزيد بن أبي عبيد هذه وبذلك جزم أبو عبد الله بن منده في معرفة الصحابة وفي الحديث أيضا رد على من أرخ وفاة سلمة سنة أربع وستين فان ذلك كان في آخر خلافة يزيد بن معاوية ولم يكن الحجاج يومئذ أميرا ولا ذا أمر ولا نهي وكذا فيه رد على الهيثم بن عدي حيث زعم أنه مات في آخر خلافة معاوية وهو أشد غلطا من الأول ان أراد معاوية بن أبي سفيان وان أراد معاوية بن يزيد بن معاوية فهو عين القول الذي قبله وقد مشى الكرماني على ظاهره فقال مات سنة ستين وهي السنة التي مات فيها معاوية بن أبي سفيان كذا جزم به والصواب خلافه وقد اعترض الذهبي على من زعم أنه عاش ثمانين سنة ومات سنة أربع وسبعين لأنه يلزم منه ان يكون له في الحديبية اثنتا عشرة سنة وهو باطل لأنه ثبت انه قاتل يومئذ وبايع (قلت) وهو اعتراض متجه لكن ينبغي ان ينصرف إلى سنة وفاته لا إلى مبلغ عمره فلا يلزم منه رجحان قول من قال مات سنة أربع وستين فان حديث جابر يدل على أنه تأخر عنها لقوله لم يبق من الصحابة الا أنس وسلمة وذلك لائق بسنة أربع وسبعين فقد عاش جابر بن عبد الله بعد ذلك إلى سنة سبع وسبعين على الصحيح وقيل مات في التي بعدها وقيل قبل ذلك ثم ذكر حديث أبي سعيد يوشك ان يكون خير مال
(٣٥)