محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر سمعت أبي يقول قال عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الله بن عمرو كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس إلى هنا انتهى ما في البخاري وبقيته عند حنبل مثل حديث أبي هريرة سواء وزاد قال فكيف تأمرني يا رسول الله قال تأخذ بما تعرف وتدع ما تنكر وتقبل على خاصتك وتدع عوامهم وأخرجه أبو يعلى من هذا الوجه وأخرج الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو نفسه من طرق بعضها صحيح الاسناد وفيه قالوا كيف بنا يا رسول الله قال تأخذون ما تعرفون فذكر مثله بصيغة الجمع في جميع ذلك وأخرجه الطبراني وابن عدي من طريق عبد الحميد بن جعفر بن الحكم عن أبيه عن علباء بكسر المهملة وسكون اللام بعدها موحدة ومد رفعه لا تقوم الساعة الا على حثالة الناس الحديث وللطبراني من حديث سهل بن سعد قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس فيه عمرو ابن العاص وابناه فقال فذكر مثله وزاد وإياكم والتلون في دين الله (قوله حدثنا محمد بن كثير) تقدم بهذا السند في كتاب الرقاق في باب رفع الأمانة وان الجذر الأصل وتفتح جيمه وتكسر (قوله ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة) كذا في هذه الرواية بإعادة ثم وفيه إشارة إلى انهم كانوا يتعلمون القرآن قبل ان يتعلموا السنن والمراد بالسنن ما يتلقونه عن النبي صلى الله عليه وسلم واجبا كان أو مندوبا (قوله وحدثنا عن رفعها) هذا هو الحديث الثاني الذي ذكر حذيفة انه ينتظره وهو رفع الأمانة أصلا حتى لا يبقى من يوصف بالأمانة الا النادر ولا يعكر على ذلك ما ذكره في آخر الحديث مما يدل على قلة من ينسب للأمانة فان ذلك بالنسبة إلى حال الأولين فالذين أشار إليهم بقوله ما كنت أبايع الا فلانا وفلانا هم من أهل العصر الأخير الذي أدركه والأمانة فيهم بالنسبة إلى العصر الأول أقل وأما الذي ينتظره فإنه حيث تفقد الأمانة من الجميع الا النادر (قوله فيظل أثرها) أي يصير وأصل ظل ما عمل بالنهار ثم أطلق على كل وقت وهي هنا على بابها لأنه ذكر الحالة التي تكون بعد النوم وهي غالبا تقع عند الصبح والمعنى ان الأمانة تذهب حتى لا يبقى منها الا الأثر الموصوف في الحديث (قوله مثل أثر الوكت) بفتح الواو وسكون الكاف بعدها مثناة تقدم تفسيره في الرقاق وانه سواد في اللون وكذا المجل وهو بفتح الميم وسكون الجيم أثر العمل في اليد (قوله فنفط) بكسر الفاء بعد النون المفتوحة أي صار منتفطا وهو المنتبر بنون ثم مثناة ثم موحدة يقال انتبر الجرح وانتفط إذا ورم وامتلأ ماء وحاصل الخبر أنه أنذر برفع الأمانة وان الموصوف بالأمانة يسلبها حتى يصير خائنا بعد أن كان أمينا وهذا انما يقع على ما هو شاهد لمن خالط أهل الخيانة فإنه يصير خائنا لان القرين يقتدي بقرينه (قوله ولقد اتى على زمان الخ) يشير إلى أن حال الأمانة أخذ في النقص من ذلك الزمان وكانت وفاة حذيفة في أول سنة ست وثلاثين بعد قتل عثمان بقليل فأدرك بعض الزمن الذي وقع فيه التغير فأشار إليه قال ابن التين الأمانة كل ما يخفى ولا يعلمه الا الله من المكلف وعن ابن عباس هي الفرائض التي أمروا بها ونهوا عنها وقيل هي الطاعة وقيل التكاليف وقيل العهد الذي أخذه الله على العباد وهذا الاختلاف وقع في تفسير الأمانة المذكورة في الآية إنا عرضنا الأمانة وقال صاحب التحرير الأمانة المذكورة في الحديث هي الأمانة المذكورة في الآية وهي عين الايمان فإذا استمكنت في القلب قام بأداء ما أمر به واجتنب ما نهي عنه وقال ابن العربي المراد بالأمانة في حديث
(٣٣)