من خالف عليه من الخوارج وبالدعاة على أبواب جهنم من قام في طلب الملك من الخوارج وغيرهم والى ذلك الإشارة بقوله الزم جماعة المسلمين وامامهم يعني ولو جار ويوضح ذلك رواية أبي الأسود ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك وكان مثل ذلك كثيرا في امارة الحجاج ونحوه (قوله تلزم جماعة المسلمين وامامهم) بكسر الهمزة أي أميرهم زاد في رواية أبي الأسود تسمع وتطيع وان ضرب ظهرك وأخذ مالك وكذا في رواية خالد بن سبيع عند الطبراني فان رأيت خليفة فالزمه وان ضرب ظهرك فإن لم يكن خليفة فالهرب (قوله ولو أن تعض) بفتح العين المهملة وتشديد الضاد المعجمة أي ولو كان الاعتزال بالعض فلا تعدل عنه وتعض بالنصب للجميع وضبطه الأشيري بالرفع وتعقب بأن جوازه متوقف على أن يكون ان التي تقدمته مخففة من الثقيلة وهنا لا يجوز ذلك لأنها لا تلي لو نبه عليه صاحب المغني وفي رواية عبد الرحمن بن قرط عن حذيفة عند ابن ماجة فلان تموت وأنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم والجذل بكسر الجيم وسكون المعجمة بعدها لام عود ينصب لتحتك به الإبل وقوله وأنت على ذلك أي العض وهو كناية عن لزوم جماعة المسلمين وطاعة سلاطينهم ولو عصوا قال البيضاوي المعنى إذا لم يكن في الأرض خليفة فعليك بالعزلة والصبر على تحمل شدة الزمان وعض أصل الشجرة كناية عن مكابدة المشقة كقولهم فلان يعض الحجارة من شدة الألم أو المراد اللزوم كقوله في الحديث الآخر وعضوا عليها بالنواجذ ويؤيد الأول قوله في الحديث الآخر فان مت وأنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحد منهم وقال ابن بطال فيه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين وترك الخروج على أئمة الجور لأنه وصف الطائفة الأخيرة بأنهم دعاة على أبواب جهنم ولم يقل فيهم تعرف وتنكر كما قال في الأولين وهم لا يكونون كذلك الا وهم على غير حق وأمر مع ذلك بلزوم الجماعة قال الطبري اختلف في هذا الامر وفي الجماعة فقال قوم هو للوجوب والجماعة السواد الأعظم ثم ساق عن محمد بن سيرين عن أبي مسعود انه وصى من سأله لما قتل عثمان عليك بالجماعة فان الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة وقال قوم المراد بالجماعة الصحابة دون من بعدهم وقال قوم المراد بهم أهل العلم لان الله جعلهم حجة على الخلق والناس تبع لهم في أمر الدين قال الطبري والصواب أن المراد في الخبر لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة قال وفي الحديث انه متى لم يكن للناس امام فافترق الناس أحزابا فلا يتبع أحدا في الفرقة ويعتزل الجميع ان استطاع ذلك خشية من الوقوع في الشر وعلى ذلك يتنزل ما جاء في سائر الأحاديث وبه يجمع بين ما ظاهره الاختلاف منها ويؤيده رواية عبد الرحمن بن قرط المتقدم ذكرها قال ابن أبي جمرة في الحديث حكمة الله في عباده كيف أقام كلا منهم فيما شاء فحبب إلى أكثر الصحابة السؤال عن وجوه الخير ليعملوا بها ويبلغوها غيرهم وحبب لحذيفة السؤال عن الشر ليجتنبه ويكون سببا في دفعه عمن أراد الله له النجاة وفيه سعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفته بوجوه الحكم كلها حتى كان يجيب كل من سأله بما يناسبه ويؤخذ منه أن كل من حبب إليه شئ فإنه يفوق فيه غيره ومن ثم كان حذيفة صاحب السر الذي لا يعلمه غيره حتى خص بمعرفة أسماء المنافقين وبكثير من الأمور الآتية ويؤخذ منه أن من أدب التعليم ان يعلم التلميذ من أنواع العلوم ما يراه مائلا إليه من العلوم المباحة فأنه أجدر
(٣١)