الحقيقة وهو اصطلاح المتكلمين وقد أنكره بعض الأدباء وقال لا يعرف في لغة العرب ذات بمعنى حقيقة قال وهذا الانكار منكر فقد قال الواحدي في قوله تعالى فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم قال ثعلب أي الحالة التي بينكم فالتأنيث عنده للحالة وقال الزجاج معنى ذات حقيقة والمراد بالبين الوصل فالتقدير فأصلحوا حقيقة وصلكم قال فذات عنده بمعنى النفس وقال غيره ذات هنا كناية عن المنازعة فأمروا بالموافقة وتقدم في أواخر النفقات شئ آخر في معنى ذات يده واما النعوت فإنها جمع نعت وهو الوصف يقال نعت فلانا نعتا مثل وصفه وصفا وزنه ومعناه وقد تقدم البحث في إطلاق الصفة في أوائل كتاب التوحيد واما الأسامي فهي جمع اسم وتجمع أيضا على أسماء قال ابن بطال أسماء الله تعالى على ثلاثة أضرب أحدها يرجع إلى ذاته وهو الله والثاني يرجع إلى صفة قائمة به كالحي والثالث يرجع إلى فعله كالخالق وطريق إثباتها السمع والفرق بين صفات الذات وصفات الفعل ان صفات الذات قائمة به وصفات الفعل ثابتة له بالقدرة ووجود المفعول بإرادته جل وعلا (قوله وقال خبيب) بالمعجمة والموحدة مصغر هو ابن عدي الأنصاري (قوله وذلك في ذات الاله) يشير إلى البيت المذكور في الحديث المساق في الباب وقد تقدم شرحه مستوفى في المغازي وتقدم في كتاب الجهاد في باب هل يستأسر الرجل (قوله فذكر الذات باسمه تعالى) أي ذكر الذات متلبسا باسم الله أو ذكر حقيقة الله بلفظ الذات قاله الكرماني (قلت) وظاهر لفظه ان مراده أضاف لفظ الذات إلى اسم الله تعالى وسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره فكان جائزا وقال الكرماني قيل ليس فيه يعني قوله ذات الاله دلالة على الترجمة لأنه لم يرد بالذات الحقيقة التي هي مراد البخاري وانما مراده وذلك في طاعة الله أو في سبيل الله وقد يجاب بأن غرضه جواز إطلاق الذات في الجملة انتهى والاعتراض أقوى من الجواب وأصل الاعتراض للشيخ تقي الدين السبكي فيما أخبرني به عنه شيخنا أبو الفضل الحافظ وقد ترجم البيهقي في الأسماء والصفات ما جاء في الذات وأورد حديث أبي هريرة المتفق عليه في ذكر إبراهيم عليه السلام الا ثلاث كذبات ثنتين في ذات الله وتقدم شرحه في ترجمة إبراهيم من أحاديث الأنبياء وحديث أبي هريرة المذكور في الباب وحديث ابن عباس تفكروا في كل شئ ولا تفكروا في ذات الله موقوف وسنده جيد وحديث أبي الدرداء لا تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في ذات الله ورجاله ثقات الا انه منقطع ولفظ ذات في الأحاديث المذكورة بمعنى من أجل أو بمعنى حق ومثله قول حسان وان أخا الأحقاف إذا قام فيهم * يجاهد في ذات الاله ويعدل وهي كقوله تعالى حكاية عن قول القائل يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله فالذي يظهر ان المراد جواز إطلاق لفظ ذات لا بالمعنى الذي أحدثه المتكلمون ولكنه غير مردود إذا عرف ان المراد به النفس لثبوت لفظ النفس في الكتاب العزيز ولهذه النكتة عقب المصنف بترجمة النفس وسيأتي في باب الوجه انه ورد بمعنى الرضا وقال ابن دقيق العيد في العقيدة تقول في الصفات المشكلة انها حق وصدق على المعنى الذي اراده الله ومن تأولها نظرنا فإن كان تأويله قريبا على مقتضى لسان العرب لم ننكر عليه وإن كان بعيدا توقفنا عنه ورجعنا إلى التصديق مع التنزيه وما كان منها معناه ظاهرا مفهوما من تخاطب العرب حملناه عليه لقوله على ما فرطت في جنب الله
(٣٢٣)