عن قول الكرماني يحتمل ان يكون ابن صبيح ويحتمل ان يكون ابن أبي عمران البطين فإنهما يرويان عن مسروق ويروي عنهما الأعمش والسند المذكور إلى مسروق كلهم كوفيون (قوله قال قالت عائشة) في رواية مسلم من عدة طرق عن الأعمش بسنده عن عائشة (قوله ترخص فيه وتنزه عنه قوم) قد تقدم في باب من لم يواجه الناس من كتاب الأدب هذا الحديث بسنده ومتنه وشرحته هناك والمراد منه هنا ان الخير في الاتباع سواء كان ذلك في العزيمة أو الرخصة وان استعمال الرخصة بقصد الاتباع في المحل الذي وردت أولى من استعمال العزيمة بل ربما كان استعمال العزيمة حينئذ مرجوحا كما في إتمام الصلاة في السفر وربما كان مذموما إذا كان رغبته عن السنة كترك المسح على الخفين وأومأ ابن بطال إلى أن الذي تنزهوا عنه القبلة للصائم وقال غيره لعله الفطر في السفر ونقل ابن التين عن الداودي ان التنزه عما ترخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الذنوب لأنه يرى نفسه اتقى لله من رسوله وهذا الحاد (قلت) لاشك في الحاد من اعتقد ذلك ولكن الذي اعتل به من أشير إليهم في الحديث انه غفر له ما تقدم وما تأخر أي فإذا ترخص في شئ لم يكن مثل غيره ممن لم يغفر له ذلك فيحتاج الذي لم يغفر له إلى الاخذ بالعزيمة والشدة لينجو فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه وإن كان غفر الله له لكنه مع ذلك أخشى الناس لله وأتقاهم فمهما فعله صلى الله عليه وسلم من عزيمة ورخصة فهو فيه في غاية التقوى والخشية لم يحمله التفضل بالمغفرة على ترك الجد في العمل قياما بالشكر ومهما ترخص فيه فإنما هو للإعانة على العزيمة ليعملها بنشاط وأشار بقوله أعلمهم إلى القوة العلمية وبقوله أشدهم له خشية إلى القوة العملية أي انا أعلمهم بالفضل وأولاهم بالعمل به * الحديث الرابع حديث ابن أبي مليكة في قصة أبي بكر وعمر في تأمير الأقرع بن حابس أو القعقاع بن معبد على بني تميم وفيه نزلت يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم وقد تقدم شرحه مستوفى في تفسير سورة الحجرات وان المقصود منه قوله تعالى في أول السورة لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ومن هنا تظهر مناسبته للترجمة وقال ابن التين عن الداودي ان هذا الحديث مرسل لم يتصل منه سوى شئ يسير ومن نظر إلى ما تقدم في الحجرات استغنى بما فيه عن تعقب كلامه وقوله وقال ابن أبي مليكة قال ابن الزبير هو موصول بالسند المذكور قبله وقد وقعت هذه الزيادة في رواية المستملي وقد تقدم في تفسير الحجرات بعد قوله فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم الآية فقال ابن الزبير فذكره (قوله فكان عمر بعد ولم يذكر ذلك عن أبيه يعني أبا بكر إذا حدث النبي صلى الله عليه وسلم الخ) هكذا فصل بين قوله فكان عمر في هذه الرواية وبين قوله إذا حدث بهذه الجملة وهي ولم يذكر ذلك عن أبيه وأخرها في الرواية الماضية في الحجرات ولفظه فما كان يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يستفهمه ولم يذكر ذلك عن أبيه (قوله حدثه كأخي السرار) اما السرار فبكسر السين المهملة
(٢٣٥)