أخرجه الطيالسي والطبراني من حديث ثوبان رفعه استقيموا لقريش ما استقاموا لكم فإن لم يستقيموا فضعوا سيوفكم على عواتقكم فأبيدوا خضراءهم فإن لم تفعلوا فكونوا زراعين أشقياء ورجاله ثقات الا ان فيه انقطاعا لان راويه سالم بن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان وله شاهد في الطبراني من حديث النعمان بن بشير بمعناه وأخرج أحمد من حديث ذي مخبر بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الموحدة بعدهما راء وهو ابن أخي النجاشي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان هذا الامر في حمير فنزعه الله منهم وصيره في قريش وسيعود إليهم وسنده جيد وهو شاهد قوى لحديث القحطاني فان حمير يرجع نسبها إلى قحطان وبه يقوى أن مفهوم حديث معاوية ما أقاموا الدين انهم إذا لم يقوموا الدين خرج الامر عنهم ويؤخذ من بقية الأحاديث ان خروجه عنهم انما يقع بعد إيقاع ما هددوا به من اللعن أولا وهو الموجب للخذلان وفساد التدبير وقد وقع ذلك في صدر الدولة العباسية ثم التهديد بتسليط من يؤذيهم عليهم ووجد ذلك في غلبة مواليهم بحيث صاروا معهم كالصبي المحجور عليه يقتنع بلذاته ويباشر الأمور غيره ثم اشتد الخطب فغلب عليهم الديلم فضايقوهم في كل شئ حتى لم يبق للخليفة الا الخطبة واقتسم المتغلبون الممالك في جميع الأقاليم ثم طرأ عليهم طائفة بعد طائفة حتى انتزع الامر منهم في جميع الأقطار ولم يبق للخليفة الا مجرد الاسم في بعض الأمصار (قوله تابعه نعيم بن حماد عن ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن محمد بن جبير) يعني عن معاوية به وقد رويناه موصولا في معجم الطبراني الكبير والأوسط قال حدثنا بكر بن سهل حدثنا نعيم بن حماد فذكره مثل رواية شعيب الا أنه قال بعد قوله فغضب فقال سمعت ولم يذكر ما قبل قوله سمعت وقال في روايته كب على وجهه بضم الكاف مبنيا لما لم يسم فاعله قال الطبراني في الأوسط لم يروه عن معمر الا ابن المبارك تفرد به نعيم وكذا أخرجه الذهلي في الزهريات عن نعيم وقال * كبه الله الحديث الثاني (قوله عاصم بن محمد) أي ابن زيد بن عبد الله بن عمر (قوله قال ابن عمر) هو جد الرواي عنه (قوله لا يزال هذا الامر في قريش) أي الخلافة يعني لا يزال الذي يليها قرشيا (قوله ما بقى منهم اثنان) قال ابن هبيرة يحتمل ان يكون على ظاهره وانهم لا يبقى منهم في آخر الزمان الا اثنان أمير ومؤمر عليه والناس لهم تبع (قلت) في رواية مسلم عن شيخ البخاري في هذا الحديث ما بقي من الناس اثنان وفي رواية الإسماعيلي ما بقى في الناس اثنان وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى وليس المراد حقيقة العدد وانما المراد به انتفاء ان يكون الامر في غير قريش ويحتمل ان يحمل المطلق على المقيد في الحديث الأول ويكون التقدير لا يزال هذا الامر أي لا يسمى بالخليفة الا من يكون من قريش الا ان يسمى به أحد من غيرهم غلبة وقهرا واما ان يكون المراد بلفظه الامر وإن كان لفظه لفظ الخبر ويحتمل ان يكون بقاء الامر في قريش في بعض الأقطار دون بعض فان بالبلاد اليمنية وهى النجود منها طائفة من ذرية الحسن بن علي لم تزل مملكة تلك البلاد معهم من أواخر المائة الثالثة واما من بالحجاز من ذرية الحسن بن علي وهم امراء مكة وأمراء ينبع ومن ذرية الحسين بن علي وهم أمراء المدينة فإنهم وان كانوا من صميم قريش لكنهم تحت حكم غيرهم من ملوك الديار المصرية فبقى الامر في قريش بقطر من الأقطار في الجملة وكبير أولئك أي أهل اليمن يقال له الامام ولا يتولى الإمامة فيهم الا من يكون عالما متحريا للعدل وقال الكرماني لم يخل الزمان عن وجود خليفة من قريش إذ في المغرب خليفة منهم
(١٠٤)