ولا السنة (قوله فإياكم والأماني) بالتشديد ويجوز التخفيف (قوله التي تضل أهلها) بضم أول تضل من الرباعي وأهلها بالنصب على المفعولية وروى بفتح أول تضل ورفع أهلها والأماني جمع أمنية راجع إلى التمني وسيأتي تفسيره في آخر كتاب الأحكام ومناسبة ذكر ذلك تحذير من يسمع من القحطانيين من التمسك بالخبر المذكور فتحدثه نفسه ان يكون هو القحطاني وقد تكون له قوة وعشيرة فيطمع في الملك ويستند إلى هذا الحديث فيضل لمخالفته الحكم الشرعي في أن الأئمة من قريش (قوله فاني سمعت) لما أنكر وحذر أراد ان يبين مستنده في ذلك (قوله إن هذا الامر في قريش) قد ذكرت شواهد هذا المتن في الباب الذي قبله (قوله لا يعاديهم أحد الا كبه الله في النار على وجهه) أي لا ينازعهم أحد في الامر الا كان مقهورا في الدنيا معذبا في الآخرة (قوله ما أقاموا الدين) أي مدة إقامتهم أمور الدين قيل يحتمل ان يكون مفهومه فإذا لم يقيموه لا يسمع لهم وقيل يحتمل ان لا يقام عليهم وإن كان لا يجوز ابقاؤهم على ذلك ذكرهما ابن التين ثم قال وقد أجمعوا انه أي الخليفة إذا دعا إلى كفر أو بدعة أنه يقام عليه واختلفوا إذا غصب الأموال وسفك الدماء وانتهك هل يقام عليه أو لا انتهى وما ادعاه من الاجماع على القيام فيما إذا دعا الخليفة إلى البدعة مردود الا ان حمل على بدعة تؤدي إلى صريح الكفر والا فقد دعا المأمون والمعتصم والواثق إلى بدعة القول بخلق القرآن وعاقبوا العلماء من أجلها بالقتل والضرب والحبس وأنواع الإهانة ولم يقل أحد بوجوب الخروج عليهم بسبب ذلك ودام الامر بضع عشرة سنة حتى ولى المتوكل الخلافة فأبطل المحنة وأمر بإظهار السنة وما نقله من الاحتمال في قوله ما أقاموا الدين خلاف ما تدل عليه الأخبار الواردة في ذلك الدالة على العمل بمفهومه أو انهم إذا لم يقيموا الدين يخرج الامر عنهم وقد ورد في حديث أبي بكر الصديق نظير ما وقع في حديث معاوية ذكره محمد بن إسحاق في الكتاب الكبير فذكر قصة سقيفة بني ساعدة وبيعة أبي بكر وفيها فقال أبو بكر وان هذا الامر في قريش ما أطاعوا الله واستقاموا على أمره وقد جاءت الأحاديث التي أشرت إليها على ثلاثة أنحاء الأول وعيدهم باللعن إذا لم يحافظوا على المأمور به كما في الأحاديث التي ذكرتها في الباب الذي قبله حيث قال الامراء من قريش ما فعلوا ثلاثا ما حكموا فعدلوا الحديث وفيه فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله وليس في هذا ما يقتضي خروج الامر عنهم الثاني وعيدهم بأن يسلط عليهم من يبالغ في أذيتهم فعند أحمد وأبي يعلى من حديث ابن مسعود رفعه يا معشر قريش انكم أهل هذا الامر ما لم تحدثوا فإذا غيرتم بعث الله عليكم من يلحاكم كما يلحى القضيب ورجاله ثقات الا انه من رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عم أبيه عبد الله ابن مسعود ولم يدركه هذه رواية صالح بن كيسان عن عبيد الله وخالفه حبيب بن أبي ثابت فرواه عن القاسم بن محمد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي مسعود الأنصاري ولفظه لا يزال هذا الامر فيكم وأنتم ولاته الحديث أخرجه أحمد وفي سماع عبيد الله من أبي مسعود نظر مبني على الخلاف في سنة وفاته وله شاهد من مرسل عطاء بن يسار أخرجه الشافعي والبيهقي من طريقه بسند صحيح إلى عطاء ولفظه قال لقريش أنتم أولى الناس بهذا الامر ما كنتم على الحق الا ان تعدلوا عنه فتلحون كما تلحى هذه الجريدة وليس في هذا أيضا تصريح بخروج الامر عنه وإن كان فيه اشعار به الثالث الاذن في القيام عليهم وقتالهم والايذان بخروج الامر عنهم كما
(١٠٣)