الزبير لما جهز إليه يزيد بن معاوية الجيوش فشهدوا معه الحصار الأول فلما جاءهم الخبر بموت يزيد بن معاوية سألوا ابن الزبير عن قوله في عثمان فأثنى عليه فغضبوا وفارقوه فحجوا وخرج نجدة باليمامة فغلب عليها وعلى بعض بلاد الحجاز وخرج نافع بن الأزرق بالعراق فدامت فتنته مدة واما أبو بلال مرداس فكان خرج على عبيد الله بن زياد قبل ذلك فقتله (قوله من سمع سمع الله به يوم القيامة) قلت تقدم هذا المتن من حديث جندب من وجه آخر مع شرحه في باب الرياء والسمعة من كتاب الرقاق وفيه ومن رأيا ولم يقع فيه مقصود هذا الباب (قوله ومن شاق شق الله عليه) كذا للكشميهني وللسرخسي والمستملي ومن يشاقق يشاقق الله عليه بصيغة المضارع وبفك القاف في الموضعين وفي رواية الطبراني عن أحمد بن زهير التستري عن إسحاق بن شاهين شيخ البخاري فيه ومن يشاقق يشقق الله عليه (قوله فقالوا أوصنا فقال إن أول ما ينتن من الانسان بطنه) يعني بعد الموت وصرح به في رواية صفوان بن محرز عن جندب ولفظه واعلموا ان أول ما ينتن من أحدكم إذا مات بطنه (قوله فمن استطاع ان لا يأكل الا طيبا فليفعل) في رواية صفوان فلا يدخل بطنه الا طيبا هكذا وقع هذا الحديث من هذا الوجه موقوفا وكذا أخرجه الطبراني من طريق قتادة عن الحسن هو البصري عن جندب موقوفا وأخرجه من طريق صفوان بن محرز وسياقه يحتمل الرفع والوقف فإنه صدر بقوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سمع الحديث واعلموا ان أول ما ينتن وينتن بنون ومثناة وضم أوله من الرباعي وماضيه أنتن ونتن والنتن الرائحة الكريهة (قوله ومن استطاع الا يحال بينه وبين الجنة بملء كف) في رواية الكشميهني يحول وبلفظ ملء بغير موحدة ووقع في رواية كريمة والأصيلي كفه (قوله من دم هراقه) أي صبه (فليفعل) قال ابن التين وقع في روايتنا أهراقة وهو بفتح الهمزة وكسرها (قلت) هي لمن عدا أبا ذر كذا وقع هذا المتن أيضا موقوفا وكذا أخرجه الطبراني من طريق صفوان بن محرز ومن طريق قتادة عن الحسن عن جندب موقوفا وزاد الحسن بعد قوله يهريقه كأنما يذبح دجاجة كلما تقدم لباب من أبواب الجنة حال بينه وبينه ووقع مرفوعا عند الطبراني أيضا من طريق إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب ولفظه تعلمون اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحولن بين أحدكم وبين الجنة وهو يراها ملء كف دم من مسلم أهراقه بغير حله وهذا لو لم يرد مصرحا برفعه لكان في حكم المرفوع لأنه لا يقال بالرأي وهو وعيد شديد لقتل المسلم بغير حق قال الكرماني في معنى قوله ملء كف من دم هو عبارة عن مقدار دم انسان واحد كذا قال ومن أين هذا الحصر والمتبادر ان ذكر ماء الكف كالمثال والا فلو كان دون ذلك لكان الحكم كذلك وعن الطبراني من حديث الأعمش عن أبي تميمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحولن بين أحدكم وبين الجنة فذكر نحو رواية الجريري وزاد في آخره قال فبكى القوم فقال جندب لم أر كاليوم قط قوما أحق بالنجاة من هؤلاء ان كانوا صادقين (قلت) ولعل هذا هو السر في تصديره كلامه بحديث من سمع وكأنه تفرس فيهم ذلك ولهذا قال إن كانوا صادقين ولقد صدقت فراسته فإنهم لما خرجوا بذلوا السيف في المسلمين وقتلوا الرجال والأطفال وعظم البلاء بهم كما تقدمت إليه الإشارة في كتاب المحاربين قال ابن بطال المشاقة في اللغة مشتقة من الشقاق وهو الخلاف ومنه قوله تعالى ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى والمراد بالحديث النهى عن القول القبيح في المؤمنين
(١١٥)