أمتي فيمكث أربعين لا أدري أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين عاما الحديث والجزم بأنها أربعون يوما مقدم على هذا الترديد فقد أخرجه الطبراني من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو بلفظ يخرج يعني الدجال فيمكث في الأرض أربعين صباحا يرد فيها كل منهل الا الكعبة والمدينة وبيت المقدس الحديث ووقع في حديث سمرة المشار إليه قبل يظهر على الأرض كلها الا الحرمين وبيت المقدس فيحصر المؤمنين فيه ثم يهلكه الله وفي حديث جنادة بن أبي أمية أتينا رجلا من الأنصار من الصحابة قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنذركم المسيح الحديث وفيه يمكث في الأرض أربعين صباحا يبلغ سلطانه كل منهل لا يأتي أربعة مساجد الكعبة ومسجد الرسول ومسجد الأقصى والطور أخرجه أحمد ورجاله ثقات * الحديث الثالث حديث أنس (قوله يأتيها الدجال) أي المدينة (فيجد الملائكة يحرسونها) في حديث محجن بن الأدرع عند أحمد والحاكم في ذكر المدينة ولا يدخلها الدجال إن شاء الله كلما أراد دخولها تلقاه بكل نقب من نقابها ملك مصلت سيفه يمنعه عنها وعند الحاكم من طريق أبي عبد الله القراظ سمعت سعد بن مالك وأبا هريرة يقولان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لأهل المدينة الحديث وفيه الا ان الملائكة مشتبكة بالملائكة على كل نقب من أنقابها ملكان يحرسانها لا يدخلها الطاعون ولا الدجال قال ابن العربي يجمع بين هذا وبين قوله على كل نقب ملكان ان سيف أحدهما مسلول والآخر بخلافه (قوله فلا يقربها الدجال ولا الطاعون إن شاء الله) قيل هذا الاستثناء محتمل للتعليق ومحتمل للتبرك وهو أولى وقيل إنه يتعلق بالطاعون فقط وفيه نظر وحديث محجن ابن الأدرع المذكور آنفا يؤيد أنه لكل منهما وقال القاضي عياض في هذه الأحاديث حجة لأهل السنة في صحة وجود الدجال وانه شخص معين يبتلي الله به العباد ويقدره على أشياء كاحياء الميت الذي يقتله وظهور الخصب والنهار والجنة والنار واتباع كنوز الأرض له وأمره السماء فتمطر والأرض فتنبت وكل ذلك بمشيئة الله ثم يعجزه الله فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ثم يبطل أمره ويقتله عيسى بن مريم وقد خالف في ذلك بعض الخوارج والمعتزلة والجهمية فأنكروا وجوده وردوا الأحاديث الصحيحة وذهب طوائف منهم كالجبائي إلى أنه صحيح الوجود لكن كل الذي معه مخاريق وخيالات لا حقيقة لها وألجأهم إلى ذلك أنه لو كان ما معه بطريق الحقيقة لم يوثق بمعجزات الأنبياء وهو غلط منهم لأنه لم يدع النبوة فتكون الخوارق تدل على صدقه وانما ادعى الإلهية وصورة حاله تكذبه لعجزه ونقصه فلا يغتر به الا رعاع الناس اما لشدة الحاجة والفاقة واما تقية وخوفا من أذاه وشره مع سرعة مروره في الأرض فلا يمكث حتى يتأمل الضعفاء حاله فمن صدقه في تلك الحال لم يلزم منه بطلان معجزات الأنبياء ولهذا يقول له الذي يحيه بعد أن يقتله ما ازددت فيك الا بصيرة (قلت) ولا يعكر على ذلك ما ورد في حديث أبي أمامة عند ابن ماجة انه يبدأ فيقول انا نبي ثم يثني فيقول انا ربكم فإنه يحمل على أنه انما يظهر الخوارق بعد قوله الثاني ووقع في حديث أبي أمامة المذكور وان من فتنته أن يقول للاعرابي أرأيت ان بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك فيقول نعم فيمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه يقولان له يا بني اتبعه فإنه ربك وان من فتنته ان يمر بالحي فيكذبونه فلا تبقى لهم سائمة الا هلكت ويمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء ان تمطر والأرض ان تنبت فتمطر وتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن
(٩٣)