الآية وهو يعلم أنا شعراء فقال اقرؤا ما بعدها إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات أنتم وانتصروا من بعد ما ظلموا أنتم وقال السهيلي نزلت الآية في الثلاثة وإنما وردت بالابهام ليدخل معهم من اقتدى بهم وذكر الثعلبي مع الثلاثة كعب بن زهير بغير إسناد والله أعلم (قوله قال ابن عباس في كل لغو يخوضون) وصله ابن أبي حاتم والطبري من طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله في كل واد قال في كل لغو وفي قوله يهيمون قال يخوضون وقال غيره يهيمون أي يقولون في الممدوح والمذموم ما ليس فيه فهم كالهائم على وجهه والهائم المخالف للقصد (قوله وما يكره منه) هو قسيم قوله ما يجوز والذي يتحصل من كلام العلماء في حد الشعر الجائز أنه إذا لم يكثر منه في المسجد وخلا عن هجو وعن الاغراق في المدح والكذب المحض والتغزل بمعين لا يحل وقد نقل ابن عبد البر الاجماع على جوازه إذا كان كذلك واستدل بأحاديث الباب وغيرها وقال ما أنشد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم أو استنشده ولم ينكره (قلت) وقد جمع ابن سيد الناس شيخ شيوخنا مجلدا في أسماء من نقل عنه من الصحابة شئ من شعر متعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة وقد ذكر في الباب خمسة أحاديث دالة على الجواز وبعضها مفصل لما يكره مما لا يكره وترجم في الأدب المفرد ما يكره من الشعر وأورد فيه حديث عائشة مرفوعا أن أعظم الناس فرية الشاعر يهجو القبيلة بأسرها وسنده حسن وأخرجه ابن ماجة من هذا الوجه بلفظ أعظم الناس فرية رجل هاجي رجلا فهجا القبيلة بأسرها وصححه ابن حبان وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن عائشة أنها كانت تقول الشعر منه حسن ومنه قبيح خذ الحسن ودع القبيح ولقد رويت من شعر كعب بن مالك أشعارا منها القصيدة فيها أربعون بيتا وسنده حسن وأخرج أبو يعلى أوله من حديثها من وجه آخر مرفوعا وأخرجه البخاري في الأدب المفرد أيضا من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا بلفظ الشعر بمنزلة الكلام فحسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام وسنده ضعيف وأخرجه الطبراني في الأوسط وقال لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الاسناد وقد اشتهر هذا الكلام عن الشافعي واقتصر ابن بطال على نسبته إليه فقصر وعاب القرطبي المفسر على جماعة من الشافعية الاقتصار على نسبة ذلك للشافعي وقد شاركهم في ذلك ابن بطال وهو مالكي وأخرج الطبري من طريق ابن جريج قال سألت عطاء عن الحداء والشعر والغناء فقال لا بأس به ما لم يكن فحشا * الحديث الأول (قوله عن الزهري أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن) يعني ابن الحرث بن هشام المخزومي وفي هذا الاسناد أربعة من التابعين قرشيون مدنيون في نسق فالزهري من صغار التابعين وأبو بكر ومن فوقه من كبارهم ولمروان وعبد الرحمن مزية إدراك النبي صلى الله عليه وسلم ولكنهما من حيث الرواية معدودان في التابعين وقد تقدم قريبا أن لعبد الرحمن رؤية وأنه عد لذلك في الصحابة وكذا ذكر بعضهم مروان في الصحابة لادراكه وقد تقدم ذلك في الشروط وقد اختلف على الزهري في سنده فالأكثر على ما قال شعيب وقال معمر في المشهور عنه عن الزهري عن عروة بدل أبي بكر موصولا وأخرجه ابن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة مرسلا ووافق رباح بن زيد عن معمر الجماعة وكذا قال هشام بن يوسف عن معمر لكن قال عبد الله بن الأسود وكذا قال إبراهيم بن سعيد عن الزهري وحذف يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد مروان من السند والصواب إثباته
(٤٤٥)