يعارض حديث ابن مسعود والجمع بينهما حمل حديث صفوان على المؤمن الكامل (قوله جرير) هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر وأما جرير المذكور في ثالث أحاديث الباب فهو ابن حازم (قوله إن الصدق يهدي) بفتح أوله من الهداية وهي الدلالة الموصلة إلى المطلوب هكذا وقع أول الحديث من رواية منصور عن أبي وائل ووقع في أوله من رواية الأعمش عن أبي وائل عند مسلم وأبي داود والترمذي عليكم بالصدق فإن الصدق وفيه وإياكم والكذب فإن الكذب الخ (قوله إلى البر) بكسر الموحدة أصله التوسع في فعل الخير وهو اسم جامع للخيرات كلها ويطلق على العمل الخالص الدائم (قوله وإن البر يهدي إلى الجنة قال ابن بطال مصداقه في كتاب الله تعالى ان الأبرار لفي نعيم (قوله وان الرجل ليصدق) زاد في رواية الأعمش ويتحرى الصدق وكذا زادها في الشق الثاني (قوله حتى يكون صديقا) في رواية الأعمش حتى يكتب عند الله صديقا قال ابن بطال المراد أنه يتكرر منه الصدق حتى يستحق اسم المبالغة في الصدق (قوله وان الكذب يهدي إلى الفجور) قال الراغب أصل الفجر الشق فالفجور شق ستر الديانة ويطلق على الميل إلى الفساد وعلى الانبعاث في المعاصي وهو اسم جامع للشر (قوله وان الرجل ليكذب حتى يكتب) في رواية الكشميهني يكون وهو وزن الأول والمراد بالكتابة الحكم عليه بذلك وإظهاره للمخلوقين من الملا الاعلى وإلقاء ذلك في قلوب أهل الأرض وقد ذكره مالك بلاغا عن بن مسعود وزاد فيه زيادة مفيدة ولفظه لا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب فينكث في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه فيكتب عند الله من الكاذبين قال النووي قال العلماء في هذا الحديث حث على تحري الصدق وهو قصده والاعتناء به وعلى التحذير من الكذب والتساهل فيه فإنه إذا تساهل فيه كثر منه فيعرف به (قلت) والتقييد بالتحري وقع في رواية أبي الأحوص عن منصور بن المعتمر عند مسلم ولفظه وإن العبد ليتحرى الصدق وكذا قال في الكذب وعنده أيضا في رواية الأعمش عن شقيق وهو أبو وائل وأوله عنده عليكم بالصدق وفيه وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق وقال فيه وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب فذكره وفي هذه الزيادة إشارة إلى أن من توقى الكذب بالقصد الصحيح إلى الصدق صار له الصدق سجية حتى يستحق الوصف به وكذلك عكسه وليس المراد أن الحمد والذم فيهما يختص بمن يقصد إليهما فقط وإن كان الصادق في الأصل ممدوحا والكاذب مذموما ثم قال النووي وأعلم أن الموجود في نسخ البخاري ومسلم في بلادنا وغيرها أنه ليس في متن الحديث إلا ما ذكرناه قاله القاضي عياض وكذا نقله الحميدي ونقل أبو مسعود عن كتاب مسلم في حديث ابن مثنى وابن بشار زيادة وهي أن شر الروايا روايا الكذب لان الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ولا يعد الرجل صبيه ثم يخلفه فذكر أبو مسعود أن مسلما روى هذه الزيادة في كتابه وذكرها أيضا أبو بكر البرقاني في هذا الحديث قال الحميدي وليست عندنا في كتاب مسلم والروايا جمع روية بالتشديد وهو ما يتروى فيه الانسان قبل قوله أو فعله وقيل هو جمع راوية أي للكذب والهاء للمبالغة (قلت) لم أر شيئا من هذا في الأطراف لأبي مسعود ولا في الجمع بين الصحيحين للحميدي فلعلهما ذكراه في غير هذين الكتابين ثم ذكر حديث أبي هريرة آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب الحديث وقد تقدم شرحه في كتاب الايمان وطرفا من حديث سمرة في المنام الطويل المقدم ذكره وشرحه في كتاب الجنائز وفيه الذي رأيته
(٤٢٣)