عنه لأنه لا يحل له كتمان العلم إلا إن حمل على أن السائل كان متعنتا ويؤكد ما قلته أنه ليس في القصة ما يدل على أن السائل المذكور كان ممن أعان على قتل الحسين فإن ثبت ذلك فالقول ما قال ابن بطال والله أعلم * الحديث الثاني (قوله عبد الله بن أبي بكر) أي ابن محمد بن عمرو بن حزم ومضى في الزكاة من رواية ابن المبارك عن معمر عبد الله بن أبي بكر بن حزم فنسب أباه لجد أبيه وإدخال الزهري بينه وبين عروة رجلا مما يؤذن بأنه قليل التدليس وقد أخرجه الترمذي مختصرا من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن معمر بإسقاط عبد الله بن أبي بكر من السند فإن كان محفوظا احتمل أن يكون الزهري سمعه من عروة مختصرا وسمعه عنه مطولا وإلا فالقول ما قال ابن المبارك (قوله جاءتني امرأة ومعها بنتان) لم أقف على أسمائهن وسقطت الواو لغير أبي ذر من قوله ومعها وكذا هو في رواية ابن المبارك (قوله فلم تجد عندي غير تمرة واحدة فأعطيتها فقسمتها بين ابنتيها) زاد معمر ولم تأكل منها شيئا (قوله ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته) هكذا في رواية عروة ووقع في رواية عراك بن مالك عن عائشة جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهن تمرة ورفعت تمرة إلى فيها لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها فأعجبني شأنها الحديث أخرجه مسلم وللطبراني من حديث الحسن بن علي نحوه ويمكن الجمع بأن مرادها بقولها في حديث عروة فلم تجد عندي غير تمرة واحدة أي أخصها بها ويحتمل أنها لم يكن عندها في أول الحال سوى واحدة فأعطتها ثم وجدت ثنتين ويحتمل تعدد القصة (قوله من يلي من هذه البنات شيئا) كذا للأكثر بتحتانية مفتوحة أوله من الولاية وللكشميهني بموحدة مضمومة من البلاء وفي رواية الكشميهني أيضا بشئ وقواه عياض وأيده برواية شعيب بلفظ من ابتلى وكذا وقع في رواية معمر عند الترمذي واختلف في المراد بالابتلاء هل هو نفس وجودهن أو ابتلى بما يصدر منهن وكذلك هل هو على العموم في البنات أو المراد من اتصف منهن بالحاجة إلى ما يفعل به (قوله فأحسن إليهن) هذا يشعر بأن المراد بقوله في أول الحديث من هذه أكثر من واحدة وقد وقع في حديث أنس عند مسلم من عال جاريتين ولأحمد من حديث أم سلمة من أنفق على ابنتين أو أختين أو ذاتي قرابة يحتسب عليهما والذي يقع في أكثر الروايات بلفظ الاحسان وفي رواية عبد المجيد فصبر عليهن ومثله في حديث عقبة بن عامر في الأدب المفرد وكذا وقع في ابن ماجة وزاد وأطعمهن وسقاهن وكساهن وفي حديث ابن عباس عند الطبراني فأنفق عليهن وزوجهن وأحسن أدبهن وفي حديث جابر عند أحمد وفي الأدب المفرد يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن زاد الطبري فيه ويزوجهن وله نحوه من حديث أبي هريرة في الأوسط وللترمذي وفي الأدب المفرد من حديث أبي سعيد فأحسن صحبتهن وأتقى الله فيهن وهذه الأوصاف يجمعها لفظ الاحسان الذي اقتصر عليه في حديث الباب وقد اختلف في المراد بالاحسان هل يقتصر به على قدر الواجب أو بما زاد عليه والظاهر الثاني فإن عائشة أعطت المرأة التمرة فآثرت بها ابنتيها فوصفها النبي صلى الله عليه وسلم بالاحسان بما أشار إليه من الحكم المذكور فدل على أن من فعل معروفا لم يكن واجبا عليه أو زاد على قدر الواجب عليه عد محسنا والذي يقتصر على الواجب وإن كان يوصف بكونه محسنا لكن المراد من الوصف المذكور قدر
(٣٥٨)