ذكر فيه حديثا لأبي هريرة في ذلك وآخر لأبي شريح (قوله أبو الأحوص) هو سلام بالتشديد ابن سليم وأبو حصين بفتح أوله هو عثمان بن عاصم وأبو صالح هو ذكوان (قوله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) المراد بقوله يؤمن الايمان الكامل وخصه بالله واليوم الآخر إشارة إلى المبدأ والمعاد أي من آمن بالله الذي خلقه وآمن بأنه سيجازيه بعمله فليفعل الخصال المذكورات (قوله فلا يؤذ جاره) في حديث أبي شريح فليكرم جاره وقد أخرج مسلم حديث أبي هريرة من طريق الأعمش عن أبي صالح بلفظ فليحسن إلى جاره وقد ورد تفسير الاكرام والاحسان للجار وترك أذاه في عدة أحاديث أخرجها الطبراني من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده والخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وأبو الشيخ في كتاب التوبيخ من حديث معاذ بن جبل قالوا يا رسول الله ما حق الجار على الجار قال إن استقرضك أقرضته وإن استعانك أعنته وإن مرض عدته وإن احتاج أعطيته وإن افتقر عدت عليه وإن أصابه خير هنيته وإن أصابته مصيبة عزيته وإذا مات اتبعت جنازته ولا تستطيل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه ولا تؤذيه بريح قدرك إلا أن تغرف له وإن اشتريت فاكهة فأهد له وإن لم تفعل فأدخلها سرا ولا تخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده وألفاظهم متقاربة والسياق أكثره لعمرو بن شعيب وفي حديث بهز بن حكيم وإن أعوز سترته وأسانيدهم واهية لكن اختلاف مخارجها يشعر بأن للحديث أصلا ثم الامر بالاكرام يختلف باختلاف الاشخاص والأحوال فقد يكون فرض عين وقد يكون فرض كفاية وقد يكون مستحبا ويجمع الجميع أنه من مكارم الاخلاف (قوله ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) زاد في حديث أبي شريح جائزته (1) قال وما جائزته يا رسول الله قال يوم وليلة والضيافة ثلاثة أيام الحديث وسيأتي شرحه بعد نيف وخمسين بابا في باب إكرام الضيف إن شاء الله تعالى (قوله ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) بضم الميم ويجوز كسرها وهذا من جوامع الكلم لان القول كله إما خير وإما شر وإما آيل إلى أحدهما فدخل في الخير كل مطلوب من الأقوال فرضها وندبها فأذن فيه على اختلاف أنواعه ودخل ما يؤل إليه وما عدا ذلك مما هو شر أو يؤل إلى الشر فأمر عند إرادة الخوض فيه بالصمت وقد أخرج الطبراني والبيهقي في الزهد من حديث أبي أمامة نحو حديث الباب بلفظ فليقل خيرا ليغنم أو ليسكت عن شر ليسلم واشتمل حديث الباب من الطريقين على أمور ثلاثة تجمع مكارم الأخلاق الفعلية والقولية أما الأولان فمن الفعلية وأولهما يرجع إلى الامر بالتخلي عن الرذيلة والثاني يرجع إلى الامر بالتحلي بالفضيلة وحاصله من كان حامل الايمان فهو متصف بالشفقة على خلق الله قولا بالخير وسكوتا عن الشر وفعلا لما ينفع أو تركا لما يضر وفي معنى الامر بالصمت عدة أحاديث منها حديث أبي موسى وعبد الله بن عمرو بن العاص المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه وقد تقدما في كتاب الايمان وللطبراني عن ابن مسعود قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل فذكر فيها أن يسلم المسلمون من لسانك ولأحمد وصححه ابن حبان من حديث البراء رفعه في ذكر أنواع من البر قال فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير وللترمذي من حديث ابن عمر من صمت نجا وله من حديثه كثرة الكلام بغير ذكر الله تقسي القلب وله من حديث سفيان الثقفي قلت يا رسول الله ما أكثر ما تخاف علي قال هذا
(٣٧٣)