والمثبت من كان منهم مؤمنا وخص علي بالذكر لكونه رأسهم وأشير بلفظ الحديث إلى لفظ الآية المذكورة ونص فيها على على تنويها بقدره ودفعا لظن من يتوهم عليه في الحديث المذكور غضاضة ولو تفطن من كنى عن أبي طالب لذلك لاستغني عما صنع والله أعلم (قوله وزاد عنبسة بن عبد الواحد) أي ابن أمية بن عبد الله بن سعيد بن العاص بن أبي أحيحة بمهملتين مصغرا وهو سعيد ابن العاص بن أمية وهو موثق عندهم وما له في البخاري سوى هذا الموضع المعلق وقد وصله البخاري في كتاب البر والصلة فقال حدثنا محمد بن عبد الواحد بن عنبسة حدثنا جدي فذكره وأخرجه الإسماعيلي من رواية نهد بن سليمان عن محمد بن عبد الواحد المذكور وساقه بلفظ سمعت عمرو بن العاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي جهرا غير سر إن نبي أبي فلان ليسوا بأوليائي إنما ولي الله والذين آمنوا ولكن لهم رحم الحديث وقد قدمت لفظ رواية الفضل بن الموفق عن عنبسة من عند أبي نعيم وأنها أخص من هذا (قوله ولكن لها رحم أبلها ببلالها يعني أصلها بصلتها) كذا لهم لكن سقط التفسير من رواية النسفي ووقع عند أبي ذر وبعده أبلها ببلائها وبعده في الأصل كذا وقع وببلالها أجود وأصح وببلاها لا أعرف له وجها انتهى وأظنه من قوله كذا وقع الخ من كلام أبي ذر وقد وجه الداودي فيما نقله ابن التين هذه الرواية على تقدير ثبوتها بأن المراد ما أوصله إليها من الأذى على تركهم الاسلام وتعقبه ابن التين بأنه لا يقال في الأذى أبله ووجهها بعضهم بأن البلاء بالمد يجئ بمعنى المعروف والانعام ولما كانت الرحم مما يستحق المعروف أضيف إليها ذلك فكأنه قال أصلها بالمعروف اللائق بها والتحقيق أن الرواية إنما هي ببلالها مشتق من أبلها قال النووي ضبطنا قوله ببلالها بفتح الموحدة وبكسرها وهما وجهان مشهوران وقال عياض رويناه بالكسر ورأيته للخطابي بالفتح وقال ابن التين هو بالفتح للأكثر ولبعضهم بالكسر (قلت) بالكسر أوجه فإنه من البلال جمع بلل مثل جمل وجمال ومن قاله بالفتح بناه على الكسر مثل قطام وحذام والبلال بمعنى البلل وهو النداوة وأطلق ذلك على الصلة كما أطلق اليبس على القطيعة لان النداوة من شأنها تجميع ما يحصل فيها وتأليفه بخلاف اليبس فمن شأنه التفريق وقال الخطابي وغيره بللت الرحم بلا وبللا وبلالا أي نديتها بالصلة وقد أطلقوا على الاعطاء الندى وقالوا في البخيل ما تندى كفه بخير فشبهت قطيعة الرحم بالحرارة ووصلها بالماء الذي يطفئ ببرده الحرارة ومنه الحديث بلوا أرحامكم ولو بالسلام وقال الطيبي وغيره شبة الرحم بالأرض التي إذا وقع عليها الماء وسقاها حق سقيها أزهرت ورؤيت فيها النضارة فأثمرت المحبة والصفاء وإذا تركت بغير سقي يبست وبطلت منفعتها فلا تثمر إلا البغضاء والجفاء ومنه قولهم سنة جماد أي لا مطر فيها وناقة جماد أي لا لبن فيها وجوز الخطابي أن يكون معنى قوله أبلها ببلالها في الآخرة أي أشفع لها يوم القيامة وتعقبه الداودي بأن سياق الحديث يؤذن بأن المراد ما يصلهم به في الدنيا ويؤيده ما أخرجه مسلم من طريق موسى بن طلحة عن أبي هريرة قال لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا فعم وخص إلى أن قال يا فاطمة أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لكم من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها وأصله عند البخاري بدون هذه الزيادة وقال الطيبي في قوله ببلالها مبالغة بديعة وهي مثل قوله إذا زلزلت الأرض زلزالها أي زلزالها الشديد الذي لا شئ
(٣٥٤)