النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفن الشعر والأظفار وقال لا يتلعب به سحرة بني آدم (قلت) وهذا الحديث أخرجه البيهقي من حديث وائل بن حجر نحوه وقد استحب أصحابنا دفنها لكونها أجزاء من الآدمي والله أعلم (فرع) لو استحق قص أظفاره فقص بعضا وترك بعضا أبدى فيه ابن دقيق العيد احتمالا من منع لبس إحدى النعلين وترك الأخرى كما تقدم في بابه قريبا (قوله وقص الشارب) تقدم القول في القص أول الباب وأما الشارب فهو الشعر النابت على الشفة العليا واختلف في جانبيه وهما السبالان فقيل هما من الشارب ويشرع قصهما معه وقيل هما من جملة شعر اللحية وأما القص فهو الذي في أكثر الأحاديث كما هنا وفي حديث عائشة وحديث أنس كذلك كلاهما عند مسلم وكذا حديث حنظلة عن ابن عمر في أول الباب وورد الخبر بلفظ الحلق وهي رواية النسائي عن محمد بن عبد الله بن يزيد عن سفيان بن عيينة بسند هذا الباب ورواه جمهور أصحاب ابن عيينة بلفظ القص وكذا سائر الروايات عن شيخه الزهري ووقع عند النسائي من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ تقصير الشارب نعم وقع الامر بما يشعر بأن رواية الحلق محفوظة كحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عند مسلم بلفظ جزوا الشوارب وحديث ابن عمر المذكور في الباب الذي يليه بلفظ أحفوا الشوارب وفي الباب الذي يليه بلفظ انهكوا الشوارب فكل هذه الألفاظ تدل على أن المطلوب المبالغة في الإزالة لان الجز وهو بالجيم والزاي الثقيلة قص الشعر والصوف إلى أن يبلغ الجلد والإحفاء بالمهملة والفاء الاستقصاء ومنه حتى أحفوه بالمسئلة قال أبو عبيد الهروي معناه ألزقوا الجز بالبشرة وقال الخطابي هو بمعنى الاستقصاء والنهك بالنون والكاف المبالغة في الإزالة ومنه ما تقدم في الكلام على الختان قوله صلى الله عليه وسلم للخافضة اشمي ولا تنهكي أي لا تبالغي في ختان المرأة وجرى على ذلك أهل اللغة وقال ابن بطال النهك التأثير في الشئ وهو غير الاستئصال قال النووي المختار في قص الشارب أنه يقصه حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفه من أصله وأما رواية احفوا فمعناها أزيلوا ما طال على الشفتين قال ابن دقيق العيد ما أدري هل نقله عن المذهب أو قاله اختيارا منه لمذهب مالك (قلت) صرح في شرح المهذب بان هذا مذهبنا وقال الطحاوي لم أر عن الشافعي في ذلك شيئا منصوصا وأصحابه الذين رأيناهم كالمزني والربيع كانوا يحفون وما أظنهم أخذوا ذلك إلا عنه وكأنه أبو حنيفة وأصحابه يقولون الاحفاء أفضل من التقصير وقال ابن القاسمي عن مالك إحفاء الشارب عندي مثلة والمراد بالحديث المبالغة في أخذ الشارب حتى يبدو حرف الشفتين وقال أشهب سألت مالكا عمن يحفي شاربه فقال أرى أن يوجع ضربا وقال لمن يحلق شاربه هذه بدعة ظهرت في الناس اه وأغرب ابن العربي فنقل عن الشافعي أنه يستحب حلق الشارب وليس ذلك معروفا عند أصحابه قال الطحاوي الحلق هو مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد اه وقال الأثرم كان أحمد يحفي شاربه إحفاء شديدا ونص على أنه أولى من القص وقال القرطبي وقص الشارب أن يأخذ ما طال على الشفة بحيث لا يؤذي الآكل ولا يجتمع فيه الوسخ قال والجز والإحفاء هو القص المذكور وليس بالاستئصال عند مالك قال وذهب الكوفيون إلى أنه الاستئصال وبعض العلماء إلى التخيير في ذلك (قلت) هو الطبري فإنه حكى قول مالك وقول الكوفيين ونقل عن أهل اللغة أن الاحفاء الاستئصال ثم قال دلت السنة على الامرين ولا
(٢٩٣)