بعد أن كتب هذا ذكر لي محدث حلب الشيخ برهان الدين الحلبي أن شيخنا البلقيني قال له القائل قال أصحابنا هو البخاري والمراد بالمكي حنظلة بن أبي سفيان الجمحي فإنه مكي قال والسندان متصلان وموضع الاختلاف بيان أن مكي بن إبراهيم لما حدث به البخاري سمى حنظلة وأما أصحاب البخاري فلما رووه له عن حنظلة لم يسموه بل قالوا عن المكي قال فالسند الأول مكي عن حنظلة عن نافع عن ابن عمر والثاني أصحابنا عن المكي عن نافع عن ابن عمر ثم قال وفي فهم ذلك صعوبة وكأنه كان يتبجح بذلك ولقد صدق فيما ذكر من الصعوبة ومقتضاه أن يكون عند البخاري جماعة لقوا حنظلة وليس كذلك فإن الذي سمع من حنظلة هذا الحديث لا يحدث البخاري عنه إلا بواسطة وهو إسحق بن سليمان الرازي وكانت وفاته قبل طلب البخاري الحديث قال ابن سعد مات سنة تسع وتسعين ومائة وقال ابن نافع وابن حبان مات سنة مائتين وقد أفصح أبو مسعود في الأطراف بالمراد فقال في ترجمة حنظلة عن نافع عن ابن عمر حديث من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظافر وقص الشارب خ في اللباس عن أحمد بن أبي رجاء عن إسحاق بن سليمان عن حنظلة عن نافع عن ابن عمر وعن مكي بن إبراهيم عن حنظلة عن نافع قال وقال أصحابنا عن مكي عن حنظلة عن نافع عن ابن عمر فصرح بأن مراد البخاري بقوله عن المكي المكي بن إبراهيم وأن مراده بقوله عن ابن عمر بالسند المذكور وهو عن حنظلة عن نافع عنه والحاصل أنه كما قدمته أن مكي بن إبراهيم لما حدث به البخاري أرسله ولما حدث به غير البخاري وصله فحكى البخاري ذلك ثم ساقه موصولا من طريق إسحق بن سليمان (قوله حدثنا علي) هو ابن المديني وبذلك جزم المزي (قوله الزهري حدثنا) هو من تقديم الراوي على الصيغة وهو سائغ وقد رواه الحميدي عن سفيان قال سمعت الزهري أخرجه أبو عوانة وأبو نعيم في مستخرجيهما من طريقه ورواه أحمد عن سفيان عن الزهري بالعنعنة وكذا أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغير واحد وأبو داود عن مسدد كلهم عن سفيان (قوله عن أبي هريرة رواية) هي كناية عن قول الراوي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نحوها وقد وقع في رواية مسدد يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية أبي بكر بن أبي شيبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أحمد في روايته أن سفيان كان تارة يكنى وتارة يصرح وقد تقرر في علوم الحديث أن قول الراوي رواية أو يرويه أو يبلغ به ونحو ذلك محمول على الرفع وسيأتي في الباب الذي يليه من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري بلفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقع في رواية محمد بن أبي حفصة عن الزهري زيادة أبي سلمة مع سعيد بن المسيب في السند أخرجه أبو الشيخ (قوله الفطرة خمس أو خمس من الفطرة) كذا وقع هنا ولمسلم وأبي داود بالشك وهو من سفيان ووقع في رواية أحمد خمس من الفطرة ولم يشك وكذا في رواية معمر عن الزهري عند الترمذي والنسائي ووقع في رواية إبراهيم ابن سعد بالعكس كما في الباب الذي يليه بلفظ الفطرة خمس وكذا في رواية يونس بن يزيد عن الزهري عند مسلم والنسائي وهي محمولة على الأولى قال ابن دقيق العيد دلالة من على التبعيض فيه أظهر من دلالة هذه الرواية على الحصر وقد ثبت في أحاديث أخرى زيادة على ذلك فدل على أن الحصر فيها غير مراد واختلف في النكتة في الاتيان بهذه الصيغة فقيل يرفع الدلالة وأن مفهوم العدد ليس بحجة وقيل بل كان أعلم أولا بالخمس ثم أعلم بالزيادة وقيل بل الاختلاف في ذلك
(٢٨٢)