بحسب المقام فذكر في كل موضع اللائق بالمخاطبين وقيل أريد بالحصر المبالغة لتأكيد أمر الخمس المذكورة كما حمل عليه قوله الدين النصيحة والحج عرفة ونحو ذلك ويدل على التأكيد ما أخرجه الترمذي والنسائي من حديث زيد بن أرقم مرفوعا من لم يؤخذ شاربه فليس منا وسنده قوي وأخرج أحمد من طريق يزيد بن عمرو المعافري نحوه زاد فيه حلق العانة تقليم الأظافر وسيأتي في الكلام على الختان دليل من قال بوجوبه وذكر ابن العربي أن خصال الفطرة تبلغ ثلاثين خصلة فإذا أراد خصوص ما ورد بلفظ الفطرة فليس كذلك وإن أراد أعم من ذلك فلا ينحصر في الثلاثين بل تزيد كثيرا وأقل ما ورد في خصال الفطرة حديث ابن عمر المذكور قيل فإنه لم يذكر فيه إلا ثلاثا وسيأتي في الباب الذي يليه أنه ورد بلفظ الفطرة وبلفظ من الفطرة وأخرج الإسماعيلي في رواية له بلفظ ثلاث من الفطرة وأخرجه في رواية أخرى بلفظ من الفطرة فذكر الثلاث وزاد الختان ولمسلم من حديث عائشة عشر من الفطرة فذكر الخمسة التي في حديث أبي هريرة إلا الختان وزاد إعفاء اللحية والسواك والمضمضة والاستنشاق وغسل البراجم والاستنجاء أخرجه من رواية مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عنها لكن قال في آخره إن الراوي نسي العاشرة إلا أن تكون المضمضة وقد أخرجه أبو عوانة في مستخرجه بلفظ عشرة من السنة وذكر الاستنثار بدل الاستنشاق وأخرج النسائي من طريق سليمان التيمي قال سمعت طلق بن حبيب يذكر عشرة من الفطرة فذكر مثله إلا أنه قال وشككت في المضمضة وأخرجه أيضا من طريق أبي بشر عن طلق قال من السنة عشر فذكر مثله إلا أنه ذكر الختان بدل غسل البراجم ورجح النسائي الرواية المقطوعة على الموصولة المرفوعة والذي يظهر لي أنها ليست بعلة فادحة فإن راويها مصعب بن شيبة وثقة ابن معين والعجلي وغيرهما ولينه أحمد وأبو حاتم وغيرهما فحديثه حسن وله شواهد في حديث أبي هريرة وغيره فالحكم بصحته من هذه الحيثية سائغ وقول سليمان التيمي سمعت طلق بن حبيب يذكر عشرا من الفطرة يحتمل أن يريد أنه سمعه يذكرها من قبل نفسه على ظاهر ما فهمه النسائي ويحتمل أن يريد أنه سمعه يذكرها وسندها فحذف سليمان السند وقد أخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث عمار بن ياسر مرفوعا نحو حديث عائشة قال من الفطرة المضمضة والاستنشاق والسواك وغسل البراجم والانتضاح وذكر الخمس التي في حديث أبي هريرة ساقه ابن ماجة وأما أبو داود فأحال به على حديث عائشة ثم قال وروى نحوه عن ابن عباس وقال خمس في الرأس وذكر منها الفرق ولم يذكر إعفاء اللحية (قلت) كأنه يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق في تفسيره والطبري من طريقه بسند صحيح عن طاوس عن ابن عباس في قوله تعالى وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال ابتلاه الله بالطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد (قلت) فذكر مثل حديث عائشة كما في الرواية التي قدمتها عن أبي عوانة سواء ولم يشك في المضمضة وذكر أيضا الفرق بدل إعفاء اللحية وأخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس فذكر غسل الجمعة بدل الاستنجاء فصار مجموع الخصال التي وردت في هذه الأحاديث خمس عشرة خصلة اقتصر أبو شامة في كتاب السواك وما أشبه ذلك منها على اثني عشر وزاد النووي واحدة في شرح مسلم وقد رأيت قبل الخوض في شرح الخمس الواردة في الحديث المتفق عليه أن أشير إلى شرح العشر الزائدة عليها فأما الوضوء والاستنشاق والاستنثار والاستنجاء
(٢٨٣)