هو معطوف على كلام الرجل الذي عني عنه الراوي بقوله وذكر هنة من جيرانه تقديره هذا يوم يشتهي فيه اللحم ولجيرانه حاجة فذبحت قبل الصلاة وعندي جذعة وقد تقدمت مباحثه قبل ثلاثة أبواب * الثاني حديث جندب بن سفيان أورده مختصرا وتقدم في الذبائح من طريق أبي عوانة عن الأسود بن قيس أتم منه وأوله ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أضحاة فإذا ناس ذبحوا ضحاياهم قبل الصلاة الحديث (قوله ومن لم يذبح فليذبح) في رواية أبي عوانة ومن كان لم يذبح حتى صلينا فليذبح على اسم الله وفي رواية لمسلم فليذبح بسم الله أي فليذبح قائلا بسم الله أو مسميا والمجرور متعلق بمحذوف وهو حال من الضمير في قوله فليذبح وهذا أولى ما حمل عليه الحديث وصححه النووي ويؤيده ما تقدم في حديث أنس وسمي وكبر وقال عياض يحتمل أن يكون معناه فليذبح لله والباء تجئ بمعنى اللام ويحتمل أن يكون معناه بتسمية الله ويحتمل أن يكون معناه متبركا باسمه كما يقال سر على بركة الله ويحتمل أن يكون معناه فليذبح بسنة الله قال وأما كراهة بعضهم أفعل كذا على اسم الله لأنه اسمه على كل شئ فضعيف (قلت) ويحتمل وجها خامسا أن يكون معنى قوله بسم الله مطلق الاذن في الذبيحة حينئذ لان السياق يقتضي المنع قبل ذلك والاذن بعد ذلك كما يقال للمستأذن بسم الله أي ادخل وقد استدل بهذا الامر في قوله فليذبح مكانها أخرى من قال بوجوب الأضحية قال ابن دقيق العيد صيغة من في قوله من ذبح صيغة عموم في حق كل من ذبح قبل أن يصلي وقد جاءت لتأسيس قاعدة وتنزيل صيغة العموم إذا وردت لذلك على الصورة النادرة يستنكر فإذا بعد تخصيصه بمن نذر أضحية معينة بقي التردد هل الأولى حمله على من سبقت له أضحية معينة أو حمله على ابتداء أضحيه من غير سبق تعيين فعلى الأول يكون حجة لمن قال بالوجوب على من اشترى الأضحية كالمالكية فإن الأضحية عندهم تجب بالتزام اللسان وبنية الشراء وبنية الذبح وعلى الثاني يكون لا حجة لمن أوجب الضحية مطلقا لكن حصل الانفصال ممن لم يقل بالوجوب بالأدلة الدالة على عدم الوجوب فيكون الامر الندب واستدل به من اشترط تقدم الذبح من الامام بعد صلاته وخطبته لان قوله من ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى إنما صدر منه بعد صلاته وخطبته وذبحه فكأنه قال من ذبح قبل فعل هذه الأمور فليعد أي فلا يعتد بما ذبحه قال ابن دقيق العيد وهذا استدلال غير مستقيم لمخالفته التقييد بلفظ الصلاة والتعقيب بالفاء * الحديث الثالث حديث البراء أورده من طريق فراس بن يحيى عن الشعبي وقد تقدمت مباحثه قريبا (قوله من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا) المراد من كان على دين الاسلام (قوله فلا يذبح) أي الأضحية (حتى ينصرف) تمسك به الشافعية في أن أول وقت الأضحية قدر فراغ الصلاة والخطبة وإنما شرطوا فراغ الخطيب لان الخطبتين مقصودتان مع الصلاة في هذه العبادة فيعتبر مقدار الصلاة والخطبتين على أخف ما يجزي بعد طلوع الشمس فإذا ذبح بعد ذلك أجزأه الذبح عن الأضحية سواء صلى العيد أم لا وسواء ذبح الامام أضحيته أم لا ويستوي في ذلك أهل المصر والحاضر والبادي ونقل الطحاوي عن مالك والأوزاعي والشافعي لا تجوز أضحية قبل أن يذبح الامام وهو معروف عن مالك والأوزاعي لا الشافعي قال القرطبي ظواهر الأحاديث تدل على تعليق الذبح بالصلاة لكن لما رأى الشافعي أن من لا صلاة عيد عليه مخاطب بالتضحية حمل
(١٧)