يغدو يوم الأضحى فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد أضحية أخرى وفي الطبراني الأوسط من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى سعد بن أبي وقاص جذعا من المعز فأمره أن يضحي به وأخرجه الحاكم من حديث عائشة وفي سنده ضعف ولأبي يعلى والحاكم من حديث أبي هريرة أن رجلا قال يا رسول الله هذا جذع من الضأن مهزول وهذا جذع من المعز سمين وهو خيرهما أفأضحي به قال ضح به فإن لله الخير وفي سنده ضعف والحق أنه لا منافاة بين هذه الأحاديث وبين حديثي أبي بردة وعقبة لاحتمال أن يكون ذلك في ابتداء الامر ثم تقرر الشرع بأن الجذع من المعز لا يجزي واختص أبو بردة وعقبة بالرخصة في ذلك وإنما قلت ذلك لان بعض الناس زعم أن هؤلاء شاركوا عقبة وأبا بردة في ذلك والمشاركة إنما وقعت في مطلق الاجزاء لا في خصوص منع الغير ومنهم من زاد فيهم عويمر بن أشقر وليس في حديثه إلا مطلق الإعادة لكونه ذبح قبل الصلاة وأما ما أخرجه ابن ماجة من حديث أبي زيد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من الأنصار اذبحها ولن تجزي جذعة عن أحد بعدك فهذا يحمل على أنه أبو بردة بن نيار فإنه من الأنصار وكذا ما أخرجه أبو يعلى والطبراني من حديث أبي جحيفة أن رجلا ذبح قبل الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجزى عنك قال أن عندي جذعة فقال تجزى عنك ولا تجزى بعد فلم يثبت الاجزاء لاحد ونفيه عن الغير الا لأبي بردة وعقبة وأن تعذر الجمع الذي قدمته فحديث أبي بردة أصح مخرجا والله أعلم قال الفاكهي ينبغي النظر في اختصاص أبي بردة بهذا الحكم وكشف السر فيه وأجيب بأن الماوردي قال أن فيه وجهين أحدهما أن ذلك كان قبل استقرار الشرع فاستثنى والثاني أنه علم من طاعته وخلوص نيته ما ميزه عمن سواه (قلت) وفي الأول نظر لأنه لو كان سابقا لامتنع وقوع ذلك لغيره بعد التصريح بعدم الاجزاء لغيره والفرض ثبوت الاجزاء لعدد غيره كما تقدم وفي الحديث أن الجذع من المعز لا يجزي وهو قول الجمهور وعن عطاء وصاحبه الأوزاعي يجوز مطلقا وهو وجه لبعض الشافعية حكاه الرافعي وقال النووي وهو شاذ أو غلط وأغرب عياض فحكى الاجماع على عدم الاجزاء قيل والاجزاء مصادر النص ولكن يحتمل أن يكون قائله قيد ذلك بمن لم يجد غيره ويكون معنى نفى الاجزاء عن غير من أدن له في ذلك محمولا على من وجد وأما الجذع من الضأن فقال الترمذي أن العمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم لكن حكى غيره عن ابن عمر والزهري أن الجذع لا يجزي مطلقا سواء كان من الضأن أم من غيره وممن حكاه عن ابن عمر ابن المنذر في الاشراف وبه قال ابن حزم وعزاه لجماعة من السلف وأطنب في الرد على من أجازه ويحتمل أن يكون ذلك أيضا مقيدا بمن لم يجد وقد صح فيه حديث جابر رفعه لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم لكن نقل النووي عن الجمهور أنهم حملوه على الأفضل والتقدير يستحب لكم أن لا تذبحوا إلا مسنة فإن عجزتم فاذبحوا جذعة من الضأن قال وليس فيه تصريح بمنع الجذعة من الضأن وأنها لا تجزى قال وقد أجمعت الأمة على أن الحديث ليس على ظاهره لان الجمهور يجوزون الجذع من الضأن مع وجود غيره وعدمه وابن عمر والزهري يمنعانه مع وجود غيره وعدمه فتعين تأويله (قلت) ويدل للجمهور الأحاديث الماضية قريبا وكذا حديث أم
(١٢)