أذبح مكانها أخرى وفي لفظ أعد نسكا وفي لفظ ضح بها وغير ذلك من الألفاظ المصرحة بالامر بالأضحية على وجوب الأضحية قال القرطبي في المفهم ولا حجة في شئ من ذلك وإنما المقصود بيان كيفية مشروعية الأضحية لمن أراد أن يفعلها أو من أوقعها على غير الوجه المشروع خطأ أو جهلا فبين له وجه تدارك ما فرط منه وهذا معنى قوله لا تجزى عن أحد بعدك أي لا يحصل له مقصود القربة ولا الثواب كما يقال في صلاة النفل لا تجزى الا بطهارة وستر عورة قال وقد استدل بعضهم للوجوب بأن الأضحية من شريعة إبراهيم الخليل وقد أمرنا باتباعه ولا حجة فيه لأنا نقول بموجبه ويلزمهم الدليل على أنها كانت في شريعة إبراهيم واجبة ولا سبيل إلى علم ذلك ولا دلالة في قصة الذبيح للخصوصية التي فيها والله أعلم وفيه أن الامام يعلم الناس في خطبة العيد أحكام النحر وفيه جواز الاكتفاء في الأضحية بالشاة الواحدة عن الرجل وعن أهل بيته وبه قال الجمهور وقد تقدمت الإشارة إليه قبل وعن أبي حنيفة والثوري يكره وقال الخطابي لا يجوز أن يضحى بشاة واحدة عن اثنين وادعى نسخ ما دل عليه حديث عائشة الآتي في باب من ذبح ضحية غيره وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة وفيه أن العمل وأن وافق نية حسنة لم يصح إلا إذا وقع على وفق الشرع وفيه جواز أكل اللحم يوم العيد من غير لحم الأضحية لقوله إنما هو لحم قدمه لأهله وفيه كرم الرب سبحانه وتعالى لكونه شرع لعبيده الأضحية مع ما لهم فيها من الشهوة بالاكل والادخار ومع ذلك فأثبت لهم الاجر في الذبح ثم من تصدق أثيب وإلا لم يأثم (قوله تابعه عبيدة عن الشعبي وإبراهيم وتابعه وكيع عن حريث عن الشعبي) قلت أما عبيدة فهو بصيغة التصغير وهو ابن معتب بضم أوله وفتح المهملة وتشديد المثناة وكسرها بعدها موحدة الضبي وروايته عن الشعبي يعني عن البراء بهذه القصة وأما قوله وإبراهيم فيعني النخعي وهو من طريق إبراهيم منقطع وليس لعبيدة في البخاري سوى هذا الموضع الواحد وأما متابعة حريث وهو بصيغة التصغير وهو ابن أبي مطر واسمه عمرو الأسدي الكوفي وما له أيضا في البخاري سوى هذا الموضع وقد وصله أبو الشيخ في كتاب الأضاحي من طريق سهل بن عثمان العسكري عن وكيع عن حريث عن الشعبي عن البراء أن خاله سأل فذكر الحديث وفيه عندي جذعة من المعز أو في منها وفي هذا تعقب على الدارقطني في الافراد حيث زعم أن عبيد الله بن موسى تفرد بهذا عن حريث وساقه من طريقه بلفظ قال فعندي جذعة معز سمينة (قوله وقال عاصم وداود عن الشعبي عندي عناق لبن) أما عاصم فهو ابن سليمان الأحول وقد وصله مسلم من طريق عبد الواحد بن زياد عنه عن الشعبي عن البراء بلفظ خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم نحر فقال لا يضحين أحد حتى يصلي فقال رجل عندي عناق لبن وقال في آخره ولا تجزى جذعة عن أحد بعدك وأما داود فهو ابن أبي هند فوصله مسلم أيضا من طريق هشيم عنه عن الشعبي عن البراء بلفظ إن خاله أبا بردة بن نيار ذبح قبل أن يذبح النبي صلى الله عليه وسلم الحديث وفيه لأطعم أهلي وجيراني وأهل داري فقال أعد نسكا فقال إن عندي عناق لبن هي خير من شاتي لحم قال هي خير نسيكتيك ولا تجزى جذعة عن أحد بعدك (قوله وقال زبيد وفراس عن الشعبي عندي جذعة) أما رواية زبيد وهو بالزاي ثم الموحدة مصغر فوصلها المؤلف في أول الأضاحي كذلك وأما رواية فراس وهو بكسر الفاء وتخفيف الراء
(١٤)