أو قارب أن يدخل وإنما اختصت الصبح بذلك من بين الصلوات لأن الصلاة في أول وقتها مرغب فيه والصبح يأتي غالبا عقب نوم فناسب أن ينصب من يوقظ الناس قبل دخول وقتها ليتأهبوا ويدركوا فضيلة أول الوقت والله أعلم (قوله وليس أن يقول الفجر) فيه إطلاق القول على الفعل أي يظهر وكذا قوله وقال بأصابعه ورفعها أي أشار وفي رواية الكشميهني بأصبعه ورفعهما (قوله إلى فوق) بالضم على البناء وكذا أسفل لنية المضا ف إليه دون لفظة نحو لله الأمر من قبل ومن بعد (قوله وقال زهير) أي الراوي وهي أيضا بمعنى أشار وكأنه جمع بين أصبعيه ثم فرقهما ليحكي صفة الفجر الصادق لأنه يطلع معترضا ثم يعم الأفق ذاهبا يمينا وشمالا بخلاف الفجر الكاذب وهو الذي تسمية العرب ذنب السرحان فإنه يظهر في أعلى السماء ثم ينخفض وإلى ذلك أشار بقوله رفع وطأطأ رأسه وفي رواية الإسماعيلي من طريق عيسى بن يونس عن سليمان فإن الفجر ليس هكذا ولا هكذا ولكن الفجر هكذا فكأن أصل الحديث كان بهذا اللفظ مقرونا بالإشارة الدالة على المراد وبهذا اختلفت عبارة الرواة وأخصر ما وقع فيها رواية جرير عن سليمان عند مسلم وليس الفجر المعترض ولكن المستطيل (قوله حدثني إسحق) لم أره منسوبا وتردد فيه الجياني وهو عندي ابن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه كما جزم به المزي ويدل عليه تعبيره بقوله أخبرنا فإنه لا يقول قط حدثنا بخلاف إسحق بن منصور وإسحق بن نصر وأما ما وقع بخط الدمياطي أنه الواسطي ثم فسره بأنه ابن شاهين فليس بصواب لأنه لا يعرف له عن أبي أسامة شئ لأن أبا أسامة كوفي وليس في شيوخ ابن شاهين أحد من أهل الكوفة (قوله قال عبيد الله حدثنا) فاعل قال أبو أسامة وعبيد الله قائل حدثنا فالتقدير حدثنا عبيد الله (قوله عن نافع) هو معطوف على عن القاسم بن محمد والحاصل أنه أخرج الحديث عن عبيد الله بن عمر من وجهين الأول ذكر له فيه اسنادين نافع عن ابن عمر والقاسم عن عائشة وأما الثاني فاقتصر فيه على الإسناد الثاني (قوله حتى يؤذن) في رواية الكشميهني حتى ينادي وقد أورده في الصيام بلفظ يؤذن وزاد في آخره فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر قال القاسم لم يكن بين أذنيهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا وفي هذا تقييد لما أطلق في الروايا ت الأخرى من قوله أن بلالا يؤذن بليل ولا يقال إنه مرسل لأن القاسم تابعي فلم يدر ك القصة المذكورة لأنه ثبت عند النسائي من رواية حفص بن غياث و عند الطحاوي من رواية يحيى القطان كلاهما عن عبد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة فذكر الحديث قالت ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا وعلى هذا فمعنى قوله في رواية البخاري قال القاسم أي في روايته عن عائشة وقد وقع عند مسلم في رواية ابن نمير عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثل هذه الزيادة وفيها نظر أوضحته في كتاب المدرج وثبتت الزيادة أيضا في حديث أنيسة الذي تقدمت الإشارة إليه وفيه حجة لمن ذهب إلى أن الوقت الذي يقع فيه الأذان قبل الفجر هو وقت السحور وهو أحد الأوجه في المذهب واختاره السبكي في شرح المنهاج وحكى تصحيحه عن القاضي حسين والمتولي وقطع به البغوي وكلام ابن دقيق العيد يشعر به فإنه قال بعد أن حكاه يرجح هذا بان قوله أن بلالا ينادي بليل خبر يتعلق به فائدة للسامعين قطعا وذلك إذا كان وقت الأذان مشتبها محتملا لأن يكون عند طلوع الفجر فبين صلى الله عليه وسلم أن ذلك لا يمنع الأكل والشرب بل الذي يمنعه طلوع الفجر الصادق
(٨٧)