عن أبيه عن أبي هريرة فذكر نحو حديث الباب وقال في آخره فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة أي أنه في حكم المصلي فينبغي له اعتماد ما ينبغي للمصلى اعتماده واجتناب ما ينبغي للمصلى اجتنابه (قوله والوقار) قال عياض والقرطبي هو بمعنى السكينة وذكر على سبيل التأكيد وقال النووي الظاهر أن بينهما فرقا وأن السكينة التأني في الحركات واجتناب العبث والوقار في الهيئة كغض البصر وخفض الصوت وعدم الالتفات (قوله ولا تسرعوا) فيه زيادة تأكيد ويستفاد منه الرد على من أول قوله في حديث أبي قتادة لا تفعلوا أي الاستعجال المفضى إلى عدم الوقار وأما الإسراع الذي لا ينافي الوقار كمن خاف فوت التكبيرة فلا وهذا محكى عن إسحاق بن راهويه وقد تقدمت رواية العلاء التي فيها فهو في صلاة قال النووي نبه بذلك على أنه لو لم يدرك من الصلاة شيئا لكان محصلا لمقصوده لكونه في صلاة وعدم الإسراع أيضا يستلزم كثرة الخطا وهو معنى مقصود لذاته وردت فيه أحاديث كحديث جابر عند مسلم أن بكل خطوة درجة ولأبي داود من طريق سعيد بن المسيب عن رجل من الأنصار مرفوعا إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لم يرفع قدمه اليمني إلا كتب الله له حسنة ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عنه سيئة فإن أتى المسجد فصلى في جماعة ورجاله له فإن أتى وقد صلوا بعضا وبقي بعض فصلى ما أدرك وأتم ما بقي كان كذلك وأن أتى المسجد وقد صلوا فأتم الصلاة كان كذلك (قوله فما أدركتم فصلوا) قال الكرماني الفاء جواب شرط محذوف أي إذا بينت لكم ما هو أولى بكم فما أدركتم فصلوا (قلت) أو التقدير إذا فعلتم فما أدركتم أي فعلتم الذي أمرتكم به من السكينة وترك الإسراع واستدل بهذا الحديث على حصول فضيلة الجماعة بادراك جزء من الصلاة لقوله فما أدركتم فصلوا ولم يفصل بين القليل والكثير وهذا قول الجمهور وقيل لا تدرك الجماعة بأقل من ركعة للحديث السابق من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك وقياسا على الجمعة وقد قدمنا الجواب عنه في موضعه وأنه ورد في الأوقات وأن في الجمعة حديثا خاصا بها وأستدل به أيضا على استحباب الدخول مع الإمام في أي حالة وجد عليها وفيه حديث أصرح منه أخرجه ابن أبي شيبة من طريق عبد العزيز بن رفيع عن رجل من الأنصار مرفوعا من وجدني راكعا أو قائما أو ساجدا فليكن معي على حالتي التي أنا عليها (قوله وما فاتكم فأتموا) أي أكملوا هذا هو الصحيح في رواية الزهري ورواه عنه ابن عيينة بلفظ فاقضوا وحكم مسلم في التمييز عليه بالوهم في هذه اللفظة من أنه أخرج إسناده في صحيحه لكن لم يسبق لفظه وكذا روى أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة فقال فاقضوا وأخرجه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق بلفظ فأتموا واختلف أيضا في حديث أبي قتادة فرواية الجمهور فأتموا ووقع لمعاوية بن هشام عن سفيان فاقضوا كذا ذكره ابن أبي شيبة عنه وأخرج مسلم إسناده في صحيحه عن ابن أبي شيبة فلم يسق يسير أيضا وروى أبو داود مثله عن سعيد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال ووقعت في رواية أبي رافع عن أبي هريرة واختلف في حديث أبي ذر قال وكذا قال ابن سيرين عن أبي هريرة وليقض (قلت) ورواية ابن سيرين عند مسلم بلفظ صل ما أدركت واقض ما سبقك والحاصل أن أكثر الروايات ورد بلفظ فأتموا وأقلها بلفظ فاقضوا وإنما تظهر فائدة ذلك إذا جعلنا
(٩٨)